للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أظُنُّ بفَصّي، حينَ زاد اصفرارُه ... وعوداً لها بالوصل، طال انتظارُهُ

وإن تَكُ هذي حاله، فَهْيَ حالتي ... بوعد حبيب عَزَّ منه مَزارُهُ

وله في فص أزرق:

أبدى الحبيبُ تغيُّراً وتنكُّراً ... من خاتمي وعليه فَصُّ أَزْرَقُ

قلت: التَّفاؤلُ منه في تصحيفه ... عَلِيّ لوعدٍ منك، يوماً، أُرْزَقُ

وله:

عليك بحسن الصَّبْرِ في كلّ ما يَطْرا ... وقِفْ وِقفةَ المظلومِ، وانتظرِ الدَّهْرا

وإن لم تنَلْ، في هذه الليلة، المُنَى ... سريعاً، فبِتْها، وانتظرْ ليلةً أُخرى

فلو أَنَّ في النَّاس امرَأَيْنِ، تَمَنَّيا ... جميعاً مُنىً، لم تَعْدُ مَنْ أحسن الصَّبرا

وله مرثية:

كفانيَ إنذاراً وفاةُ قرِيني ... فكيف الّذي في السِّنّ أصبح دُوني؟

فكيف تراني أصحَب الدَّهرَ آمناً ... إذا هو أضحى فيك غيرَ أمينِ؟

وكنت أُناجي اللهَ، جَلَّ جلالُه، ... بأَنْ فيك مكروهَ القضاءِ يَقيني

فبلبلتِ الأقدار قلبي، وولَّدت ... وساوسَ، أخشى أن تبلبلَ دِيني

وإنَّك لم تبلُغْ من العمر غايةً ... تكون بها في النّائبات مُعيني

فليت المَنايا نفَّستْ من خِناقها ... إلى أَمَد، أرجوه فيك، وحِينِ

لئن صان منك الدَّمع حالاً تغيَّرَتْ ... ففائضُ دمعي فيك غير مصونِ

ويأمُرني بالصَّبر عنك ذوو الحِجا، ... فقلت لهم: من ذا المقالِ دًعُوني

فلي لَهْفُ مغصوبٍ، وحَيرةُ مُكْرَهٍ ... وأنفاسُ مكروب، ووَجْدُ حزينِ

فلا قلت يوماً للكآبة: أَقْصِري، ... ولا لجُفوني: دمعَ عينِك صُوني

وأستذنبُ الأيّامُ فيك جهالةً، ... وكم أهلكتْ من أُمَّة وقرينِ

هو الموتُ، لم يَحْفِلْ بصاحبِ معقلٍ ... ولم يخشَ من حِصن عليه حصينِ

ولا فاتَه سارٍ، يواصلُ سيرَه ... على ظهر سُرْحُوبٍ ومَتْنِ أَمُونِ

وإِن تَكُ هذي الأرضُ غيرَكَ تبتغي ... كريماً، فما ترضَى إذَنْ بدفينِ

عليك سلام. كم إليك جوارحٌ ... تَحِنُّ، ولكن ما لها كحنيني

هذا ما علقته من كتاب التاريخ ل ابن الهمذاني.

وأنشدني الشيخ أبو المجد، الواعظ، الواسطي بها، سلخ رمضان سنة أربع وخمسين وخمس مئة، قال: أنشدني الشيخ أبو الحسن، بن أبي الصقر لنفسه، زعم أنه قصد نظام الملك، فمنعه البواب، فكتب إليه:

لِلهِ دَرُّك إِنَّ دارَك جنَّةٌ ... لكِنَّ خلفَ البابِ منها مالكا

هذا نظامُ الملك ضدُّ المقتضى ... إذْ كان يَرْوِي عن جَهَنَّمَ ذالِكا

أنعِمْ بتيسير الحجاب، فإِنَّني ... لاقيتُ أنواعَ النَّكالِ هُنالِكا

مالي أُصادفُ بابَ دارِك جفوةً ... وأنا غنيٌّ، راغبٌ عن مالكا؟

فأذن له نظام الملك، وقال: إذا كنت غنياً عن مالنا، فانكفئ فقال: كلانا شافعي المذهب، وقد جئتك لمذهبك لا لذهبك.

وأنشدني له بعض الشهود المشايخ، وهو الصائن، بن الأعلاقي ب واسط، وقد لقيته:

بعدَ ثمان وثمانينا ... في مسكني قد صرت مسكينا

لا أسمَعُ الصَّوتَ، ولا أُثْبِت الش ... خْصَ، فلا بُلّغِتُ تسعينا

ويرحَمُ اللهُ تعالى امْرَءاً ... يسمَعُ قولي، قالَ: آمينا

وقد استجيب دعاؤه، حيث توفي - رحمه الله تعالى - قبل أن يتم التسعين.

وأنشدني له أيضاً، يعتذر عن ترك القيام لأصدقائه لكبره:

علَّة، سُمِيّت ثمانين عاماً، ... منعتني للأصدقاءِ القياما

فإِذا عُمِّرُوا تمهَّدَ عذري ... عندَهم بالَّذي ذكرتُ، وقاما

وله في العذار:

عِذارُ الحبيب على خدّه ... طِرازٌ، وزَيْنُ اللباسِ الطِّرازُ

أرَدتُ سلوكاً إلى هجره، ... فسَدَّ طريقي، فما لي مَجازُ

وله:

<<  <  ج: ص:  >  >>