للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إلى نظام الملك عند وقوع الفتنة ب بغداد، وقصد العامة سوق المدرسة النظامية، وقتل جماعة. وكان السبب في ذلك أن أبا نصر، بن القشيري لما جلس للوعظ في المدرسة النظامية، كثر أتباعه من الأشعرية، وأزرى على غيرهم، وأدت إلى الفتنة من العوام، فنسب نظام الملك ما جرى إلى الوزير فخر الدولة، ابن جهير، في سنة سبعين وأربع مئة:

يا نِظامَ المُلك قد خَ ... لَّ ب بغدادَ النِّظامُ

وابنُك القاطنُ فيها ... مُستهانٌ مستضامُ

وبها أودى له قَب ... لاً غلام وغلامُ

والّذي منهم تَبَقَّى ... سالماً، فيه سِهامُ

يا قوام الدِّين لم يَب ... قَ ب بغداد مقامُ

عظُم الخَطْبُ، وللحر ... ب اتّصالٌ ودوامُ.

فمتى لم يَحْسِمِ الّدا ... ءَ بكفَّيْك الحُسامُ،

ويكفَّ القوم في بغ ... دادَ فتكٌ وانتقامُ،

فعلى مدرسةٍ في ... ها، ومَنْ فيها، السَّلامُ.

وكتب إلى الوزير أبي شجاع - رحمه الله - قصيدةً، يمدحه فيها، ويطلب شيئاً من شعره، يقول فيها:

يا ماجداً، لو رُمْتُ مدحَ سِواه لم ... أَقْدِر على بيتٍ ولا مِصراعِ

أُمْنُنْ عليَّ بشعرك الدُّرِّ الّذي ... شعرُ الرَّضيّ له من الأَتباعِ

فأجابه الوزير:

لو كنتُ أرضَى ما جمعت شَتِيتَه ... لَضَمِنت معرضه على الأَسماعِ

لكنّ شعري شبه شَوْهاءَ اتَّقَتْ ... عيباً لها، فتستّرت بِقناعِ

ومن قصيدة له في مدح عميد الدولة، ابن جهير، يطالب برسمه على الديوان، ويعرض ب ابن يعيش:

يا مَن نلوذُ الزَّمان بظلّه ... أبداً، ونطرُدُ باسمه إِبليسا

رسمي على الدِّيوان حُوشِيَ قدرُه ... أن يُسْتَقَلَّ وأن يكون خسيسا

وعليَّ آخُذ شَطره من واسط ... دَيناً، أُؤَدِّي عينه محروسا

وإذا شكا الدَّيْنَ الأديبُ، فإِنّه ... لم يَشْكُ إلا حظَّه المنحوسا

والكلُّ في بغدادَ آكِلُهُ، وكم ... فرَّغت في بغدادَ كيساً كيسا

ولَكم رفَعتُ لأجله من قِصَّة، ... أنفَدْتُ فيها كاغداً ونفوسا

وبه توقّعُ لي، وكم مستخدماً ... يَدَهُ لَثَمْتُ، وحاجباً، ورئيسا

قد صار إطلاقاً على ابن يعيش، لا ... ذاقَ الرَّدَى حتّى يقرَّ تعيسا

فكأنَّما ابنُ يعيشَ صار لأِكله ... مالَ الخليفة مستبيحاً سُوسا

وكأنّه، كَدّاً، حمارُ عُزَيْرَ لا، ... وتلقُّفاً للمال، حَيَّةُ موسى

فأنا على وَجَل، لأجل إِحالتي، ... لو أَنّها كانت عليه فلوسا

صَيِّرْ لك العمّالَ أقلاماً، إذا است ... تخدمتَها، طأطاتَ منها الرُّوسا

وأنشدني الشيخ الفقيه العالم هبة الله، بن يحيى، بن الحسن، البوقي، الشافعي ل ابن أبي الصقر، روايةً عنه، كتبه إلى قادم من بغداد:

من هدايا بغدادَ في ألف حِلٍّ ... أنت، إلا من باقَتَيْ كِبْريتِ

إنَّه عندَ ربَّة البيتِ، ممّا ... ليس منه بُدٌّ، كشُرب الفَتيتِ

وأنشدني القاضي يحيى، بن هبة الله، بن فضل الله، بن محمد ب بغداد في الديوان، سنة ستين وخمس مئة، قال: أنشدني والدي القاضي هبة الله قاضي الغراف لخاله أبي الحسن، بن أبي الصقر لما أخذ العكاز بيده عند الكبر:

لو حُوِّلَتْ هذي عصايَ، الَّتي ... أحمِلُها في الكفّ، ثُعبانا

تَلَقَّفُ الأَعداءَ، مثلَ الَّذي ... في مثلها من قبلُ قد كانا،

كرِهتُ حَمْلِيها، ولو أَنَّني ... صرتُ بها موسى بن عِمْرانا

وأنشدني له بالإسناد، فيها أيضاً:

صرتُ لمّا كِبْرتُ ثُمَّ تعكَّزْ ... تُ، وما بي شيخوخةٌ، من حَراكِ

كجِدارٍ واهٍ، أراد انقضاضاً ... فتلافاه أهلُه بسِماكِ

وله أيضاً فيها:

<<  <  ج: ص:  >  >>