للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد جاءك السَّعْدُ والتوفيقُ واصطحبا ... فكن لأَضْعافِ هذا النصر مُرْتقِبا

ومنها:

لله أَنتَ، صلاحَ الدين، من أَسدٍ ... أَدنى فريستِه الأَيّامُ إِن وَثَبا

رأَيتَ جِلِّق ثغراً لا نظير له ... فجئتَها عامِراً منها الذي خَرِبا

نادتْك بالذُّلِّ لما قلَّ ناصرها ... وأَزْمعَ الخَلْقُ منْ أَوطانها هَرَبا

أَحْيَيْتَها مثلَ ما أَحييتَ مِصْر فقد ... أَعَدْت مِن عدلها ما كان قد ذهبا

هذا الذي نصر الإِسلامَ فاتّضحتْ ... سبيلُه، وأَهان الكُفْر والصُّلُبا

ويوم شاوَر، والإِيمانُ قد هُزمت ... جيوشُه، كان فيه الجحْفَلَ اللَّجِبا

أَبَتْ له الضيْمَ نفسٌ مُرَّةٌ ويدٌ ... فعّالةٌ، وفؤادٌ قَطُّ ما وَجَبا

يستكبر المدحَ يُتْلى في مَكارمه ... زُهْداً، ويستصغر الدنيا إِذا وهبا

ويومَ دِمياط والإسكندرية قد ... أَصارهم مثلاً في الأرض قد ضُرِبا

والشذامُ لو لم يدارك أَهلَه اندرستْ ... آثاره وعَفَتْ آياتُه حِقَبا

ومنها:

هو الجوادُ ولكن لا يُقالُ كبا ... وهْو الحُسامُ ولكن لا يُقال نَبا

وهو الهِزَبْرُ ولكن لا يقال طغا ... وهْو الضِّرام ولكن لا يُقالُ خَبا

فأَنتَ إِسكندرُ الدُّنْيا ووارِثُها ... فاقصِد ملوكَ خُراسان وَدَعْ حَلَبا

وأنشدني لنفسه:

رُبّ يَوْمٍ وليلةٍ بتّ أَقْضيها بلا مانعٍ غِناءً وسُكْرا

أضجْتلي نَرْجِساً وأَلْثِمُ رَيْحا ... ناً وأَجني وَرْداً وأَرشُف خمرا

إِنْ أَمِلْ يَمْنَةً أُعانق خَصْراً ... أَو أَمِلْ يَسْرَةً أُقَبِّلُ ثَغْرا

وأنشدني لنفسه:

وكم لَيْلَةٍ قَد بتُّ مُسْتَمْتِعاً بها ... إِلى أَن بدا من صبح سَعْديَ فجرُهُ

وخمري جنَى فيه، ووَرْديَ خَدُّهُ ... وصُبْحي مُحَيّاهُ وليليَ شَعْرُه

ورَيْحانُ نَقْلي من عِذارَيْه يانِعٌ ... وكأْسي إِذا ما دارتِ الكأْسُ ثَغْرُه

وأنشدني أبو الوحش لنفسه من قصيدة بدمشق سنة إحدى وسبعين في نور الدين:

انظرْ فهذا الرَّشَأُ الأَحْوَرُ ... يَرْهَبُ منه الأَسَدُ القَسْوَرُ

يُقامِرُ القلْبَ بأَجفانه ... وغَيْرُ خافٍ أَيُّنا يَقْمَرُ

وأَسمر تفعل أَلحاظُه ... بالقلْبِ ما لا يفْعَلُ الأَسْمَرُ

تختلِبُ الأَنْفُسَ أَلفاظُه ... لا شكَّ عندي أَنه يَسْحَر

قالت لُيوثُ الغاب: يا قومُ ما ... أَسرعَ ما يصرع ذا الجُؤْذَرُ

يا بَدوِيّاً جارُه آمِنٌ ... لِمْ ذِمَّتي في حُبِّكُمْ تُخْفَر

عِقْدُك من لفظك مُسْتَنْبطٌ ... فاتّفق الجَوْهَرُ والجوهر

أُنظر إِلى مَيْتِ الجفا إِنّهُ ... مَيْتٌ هر

أُنظر إِلى مَيْتِ الجفا إِنّهُ ... مَيْتٌ إِذا واصلْتَهُ يُنْشَر

ما الليلُ ليلٌ عند هذا الورى ... إِذا تبدّى وجهُك المُسْفِر

والوَجنةُ الحمراءُ مُذْ أَزهرت ... نَمْنَمَها ريْحانُها الأَخضر

والغُصُنُ المُورِقُ خَجْلان مُنْذُ اهتزّ منك الغُصُن المُزْهِر

واسَقمي مِنْ غصُنٍ مُزْهرٍ ... بغير هِجْرانيَ لا يُثْمِر

لمّا عَلَتْ طُرَّتُه وجْهَه ... قلت: اعجَبوا هذا الدُّجى المُقْمِر

كم لامَ قومٌ في هواه فمُذْ ... بدا لهم في زيِّه كبَّروا

واسْتكبروا وجدي فناديتُهم ... قوموا انظروا، حُسْنُه أَكبر

يا صاح قد رقّ نسيم الصَّبا ... آثِرْ بها إِنْ كنت مَنْ يُؤْثِر

<<  <  ج: ص:  >  >>