للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كنتُ لولا كَلَفي بالعِذارْ ... أَصبو إِلى الشُّرْب بكأْس العُقارْ

سال كَذَوْبِ المِسْكِ في وَجْنةٍ ... وَرْدِيّةٍ تجمع ماءً ونار

هذا وما دبَّ جُنوني به ... فكيف إن تَمَّ به واستدار

وفاتِر المُقْلَة ما زِلتُ من ... نواظر الخلقِ عليه أَغار

ملّكتْهُ رقِيّ على أَنه ... يُجيرُ قلبي فتعدّى وجار

وَيْلاهُ من صِحَّةِ أَجفانه ... وما بها من مَرضٍ واحوِرار

وآهِ من وَجْنَتِه كّلما ... تعقربَ الصُّدْءغ عليها ودار

أَهْيَفُ ما تحت مَزَرِّ القَبا ... أَبْلَجُ ما تحت مَدَبِّ العِذار

مثلُ قضيب البانِ لكنّه ... يحمل في أَعلاه شمسَ النهار

وكلّما تاه عليّ اسْمُه ... وجدته في الورد والجُلَّنار

وقال:

خير ما أَصبحتَ مَخْلوعَ العِذارِ ... فانِفِ عنك الهمَّ بالكأْسِ المُدارِ

قُمْ بنا ننتهبِ اللذَّة في ... ظلِّ أَيام الشّباب المُسْتعار

إِنما العارُ الذي تحذَره ... أَن تراني من لباس العار عاري

لا وَمَنْ داويتُ قلبي باْسمه ... لا تَدَرَّعْتُ بأَثوابِ الوَقار

وَلَخَيْرٌ منه أَنْ أَشرَبها ... في سَنا الصُّبْح على صَوْتِ القَمارِي

قهوة تُعْشَق مِنْ ذي هَيَفٍ ... قَمَرِيِّ الوجهِ ليْليِّ العِذار

تَسْكَرُ الأَلبابُ من أَلفاظِه ... فهي تُغْني الشَّرْب عن شُرْبِ العُقار

وإِذا حدَّثْتَه عن وَصْلِه ... راح لا يلْقاك إلاّ بازوِرار

قمرٌ قبَّلْتُ منه وَجْنَةً ... حَشْوُها ما شئتَ من ماءٍ ونار

نالَ منه اللَّحْظُ ما نال به ... فهو فينا أَبداً طالبُ ثار

تفِرس الصهباءُ منه فارساً ... بَدويَّ اللَّفظِ تُرْكِيَّ النِّجار

وإِذا طاف بها تحِسَبُه ... بدرَ ليلٍ حاملاً شمسَ نهار

وسعيدٌ مَنْ تقضَّي عُمْرُه ... بين كاساتِ رُضابٍ وعُقار

في اصطباحٍ واغتباقٍ واقترا ... بٍ واغترابٍ وانتهاكٍ واستتار

شغلتْه الراحُ أَن تُبْصِرَه ... واقفاً يندب أَطلال الديِّار

نِعْمَ دُنْياه التي راح بها ... طرباً يعثر في فَضْل الإِزار

فإِذا ماتَ التْقى من ربَّه ... رحمةً تُسْكِنه دارَ القَرار

وقال من قصيدة:

سَفَرَتْ فخِلْتُ سَوادَ مِعْجَرِها ... ليلاً تَقَنَّعَ جُنْحَه بَدْرُ

برزت لنا يومَ الوَداعِ وقدْ ... بَهَرَ الكواعبَ حَوْلَها الخَطْر

من كلِّ جائلة الوِشاح إِذا ... قامت وناءَ بِرِدْفها الخصرُ

فكأَنها شمسُ الضُّحى طَلَعَتْ ... وكأَنهنّ كواكِبٌ زُهْر

نَفِد الزّمانُ ولم أَنل أَرَباً ... مِنْ وصِلهم وتصرَّمَ العُمْر

كم أَجتنى ثمر الوفا ويدي ... مِنْ فضلِ ما عَلِقَتْ به صِفر

وإِذا الهوى عَذُبَتْ موارده ... للعاشقين فَحُلْوُه مُرُّ

يا مَنْ جفا طَرْفي فأَرَّقَهُ ... وخلا بقلبٍ حَشْوُه جَمْر

عاقِبْ بسلبِ سوى الرُّقادِ فلي ... إلاَّ على فَقْد الكرى صَبْر

فلعلّ طيْفاً منك يَطْرُقني ... تحت الظّلام فيُحَمَد الهَجْرُ

ومنها في المخلص:

أَأَلُوم دهراً ما لِحادثِه ... نَهْيٌ عليّ ولا له أَمرُ

أَم كيف أَشكو صَرْف نائبةٍ ... ونَوالُ نصرِ الله لي نصر

وقال:

كم يهتِك الدهرُ سِتري ثم أَسْتُرُهُ ... وكم يقابل إِقبالي بإِدبارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>