ولو خاف مَنْ يسري إلى ظِلِّ مجدِه ... ضَلالاً لنَاداه النَّدى مِنْ أَمامه
ولم أَكْسُه دُرَّ المديح وإِنما ... أَعرتُ نجوَم الليلِ بَدْر تَمامِه
وقال ملغزاً بالسفرة:
وجائِلة الوِشاح تُريكَ وَجْهاً ... جِنانِيَّاً تكوّن في الجحيمِ
فتاةُ السِّنِّ صاحَبَها كثيراً ... سَراةُ الناس في الزمن القديمِ
وكم جعل النِّطاقُ لها عِناناً ... تُقاد به إلى دار النعيم
حياةٌ في البِعاد وفي التداني ... وأُنسٌ للمُجالس والنديم
تجيء إِليك مُفْعَمةَ النّواحي ... وترجِع وهي ذاتُ حَشاً هَضيم
وأَحسن ما تكون إِذا أَتتْنا ... أَناةَ الخَطْو حالِيَةَ الأَديم
وقد كتبتْ أنَاملُنا عليها ... أَساطيراً مُلَوَّنَة الرُّقوم
إِذا هي أَقبلت تسعى إِلينا ... رأَيت الشمسَ تُحْمَلُ بالنّجوم
وقال في القطائف:
ومجدَّرٍ عذُبَتْ مَراشفُ ثَغرِه ... فغدَوْتُ أَلِثَمُها ولستُ بآثمِ
مُترقِرقٌ ماءٌ الجمالِ بوجهه ... أَندى وأَكرم راحةً من حاتِم
يبدو فتمَحقُه الأكفّ تَناولاً ... وهو الحبيب إلى نفوس العالَم
قَسَماً به وبما تجنّ ضُلوعُه ... يا خيرَ من جُذِبت إِليه عزائمي
ما كنتُ قبل نَداك أَلمحُ شخصه ... إلاّ بأَعيادٍ لنا ومواسم
ومنها في المائدة والسفرة:
ورأيَتُ في دارِ الحبيب وصيفةً ... كالشمس تُحْمَل وهي ذاتُ قوائمِ
وكثيرة الأَحداق تحت وِشاحها ... شمسُ الظهيرة في عُقود الناظم
ولربّما جاءتك بينَ وَصائفٍ ... نَقَّطْنَ دائرَ وجهها بدراهم
وقال من قصيدة يمدح بها أتابك زنكي بن آقٍ سنقر، أولها:
بعزمك أَيها الملكُ العظيمُ ... تَذِلُّ لك الصِّعابُ وَتستقيم
إِذا خَطَرتْ سيوفُك في نفوسٍ ... فأَوّلُ ما يفارقها الجُسوم
ولو أَضمرتَ للأَنواءِ حَرْباً ... لما طَلَعْت لهَيْبَتِك الغيوم
أَيَلْتَمِس الفِرنج لديك عَفْواً ... وأَنت بقَطْع دابِرِهِا زَعيم
وكم جَرَّعْتَها غُصص المنايا ... بيومٍ فيه يَكْتَهِل الفطيم
فسيفُك من مَفارِقهم خَضيبٌ ... وذِكْرُك في مواطنهم عظيم
وكلُّ مُحَصَّنٍ منهم أَخيذٌ ... وكلُّ مُحَضَّنٍ منهم يَتيم
ولمّا أَنْ طلبتَهُمُ تمنَّى المَنِيّ ... ة جُوسَلِينهُم اللئيم
أَقام يطوّف الآفاق حيناً ... وأَنت على معاقله مُقيم
فسار وما يُعادِلُه مَليكٌ ... وعاد وما يُعادلِهُ سَقيم
أَلم تَرَ أَنّ كلب الروم لمّا ... تَظَنَّن أَنك المَلِك الرحيم
فحينَ رَمْيَته بك في خميسٍ ... تيّقن أنّ ذلك لا يدوم
كأَنّك في العَجاج شِهابٌ نورٍ ... تَوَقَّدَ وهو شيطانٌ رجيمُ
أَراد بَقاء مُهْجته فَوَلَّى ... وليس سوى الحِمام له حَميم
يؤمِّلُ أَن تجودَ بها عليه ... وأَنت بها وبالدُّنيا كريم
رأَيتُك والملوكُ لها ازْدحامٌ ... ببابك لا تزول ولا تَريم
تُقَبِّل من رِكابك كلَّ يومٍ ... مكاناً ليس تبلُغه النُّجوم
تَوَدُّ الشمسُ لو وَصَلْت إِليه ... وأَين من الغَزالة ما تروم
أَردتَ فليس في الد؟ ُّنيا منيعٌ ... وجُدْتَ فليس في الدُّنيا عديم
وما أَحْيَيْتَ فينا العدل حتى ... أُمِيتَ بسيفك الزَّمن الظَّلوم
وصِرتَ إلى الممالك في زمانٍ ... به وبمثلك الدُّنيا عقيم
تزَخْرَف للأَمير جِنانُ عَدْنٍ ... كما لِعِدَاه تَسْتَعِرُ الجحيم
أَقرّ الله عينك من مَليكٍ ... تُخامِرُ غير هِمّته الهموم