للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرانيَ البَيْنُ لَمّا حُمَّ عن قَدَرٍ ... وَداعُنا كلَّ جِدٍّ قبله لَعبِا

ومنها:

يا ابنَ المُقَلَّد قد قلَّدْتَني مِنَناً ... ما قاربَ الحمدُ أَدناها ولا كَرَبا

وَيُمْنُ جَدِّك أَفضى بي إِلى مَلِكٍ ... ما ابتَّزهُ الشِّعْرُ إلاّ هَزَّه طَرَبا

ومنها:

يَعِنُّ ذِكْرُك أَحياناً فيُخْبِرُني ... فَرْطُ الإِصاخَةِ عن قلبٍ إِليكَ صَبا

أُثْنى فيُعْجِبه قولي وُيكْثِرُ من ... سَلامتي بعد إِذ فارقْتُك العَجَبا

وكلُّ ما نلْتُ من عزٍّ وَمكْرُمَةٍ ... وثروةٍ فإِلى آلائك انتسبا

ومنها:

يا بنَ الذين إِذا شَبِّتْ وغًى ملأُوا ... دُروعَهم نَجْدَةً واستفرغوا العَيِبا

وخَوَّفوا النّاسَ فارتاعَتْ مُلوكُهمُ ... تَرَوُّعَ السِّرْبِ لمّا عارَضَ السُّرَبا

مَنْ أَمَّ مَسْعاك أَنضى فِكْره سَفَهاً ... ولستَ تلقاهُ إِلاَّ خائباً نَصِبا

وكم حَلَلْتَ بثَغْرٍ عَزَّ ساكنُه ... سَدَدْتَه بسَدادٍ صَحَّح اللَّقَبا

ضافَرْتَ مالكَه، دامتْ سعادتُه ... بِمَحْضِ ودٍّ أَزال الشَّكّ والرِّيَبا

فأَنتمُا فيه سَيْفا عِصمةٍ ورَدًى ... أَمضى مِنَ الباترات المُرْهَفات شَبا

إِنْ طاوَلا عَلَوا أَو فاضَلا فَضَلا ... أَو حاربا حَرَبا أو خاطَبَا خطَبَا

إِني أَقول لي المَيْنُ من شِيَمي ... إِني شريكُك فيما عَنَّ أَو حَزَبا

لمّا اشتكى مُرْشِدٌ أَعْظَمْتُه نَبَأً ... ذادَ الكَرى واستثار الهَمَّ والوَصَبا

حتَّى إذا جاءتِ البُشْرى بصحَّته ... قَضَتْ بتسكين قلبٍ طالما وَجَبا

فلا بَرِحْتَ وإِنْ سيء العِدى أَبداً ... تلقى الخُطوبَ بِجَدٍ يخْرُق الحُجُبا

فالأمير أبو الحسن علي، له فضلٌ جلي، وشعرٌ كأنه في نضارته حلي، وهو وفي، بعلمه ملي، قديم العصر من الطبقة الأولى، لكن رأيت ذكر مثله أولى، فأدبه في سوق الفضائل أروج وأغلى، ونسبه عند الأفاضل أبهج وأعلى، وسأورد من شعره ما شددت عليه يدي، وهو منتقحي ومنتقاي ومنتقدي.

أنشدني مجد العرب العامري بأصفهان قال: أنشدني الأمير أبو سلامة مرشد لأبيه الأمير أبي الحسن علي بن مقلد بن منقذ لنفسه في غلامٍ ضربه، وما أبدع هذا المعنى وأغربه، وأعجزه وأعجبه:

أَسْطو عليه وقلبي لو تمكَّن مِنْ ... كَفَّيَّ غَلَّهما غَيْظاً إِلى عُنُقي

وأَسَتِعزُّ إِذا عاتَبْتُه حَنَقاً ... وأَين ذُلُّ الهوَى من عِزَّةِ الحَنق

استعارة الحنق في هذا الموضع، معنىً مبتكر له حسن الموقع، فما أقوى هذا التحقيق، وما أحسن هذا التطبيق.

قال وأنشدني أيضاً لنفسه:

ماذا النَّجيعُ بوجْنَتَيْك وليس مِنْ ... شَدْخ الأنُوف على الخُدود رُعافُ

أَلحاظُنا جَرَحَتْك حين تَعَرَّضَتْ ... لك أَم أَديمكُ جَوْهَرٌ شضفّاف

وقرأت له من مجموع:

إِذا ذكرتُ أَياديكَ التي سَلَفَتْ ... مع سُوءِ فِعْلي وزَلاّتي ومُجْتَرمي

أَكادُ أَقُتل نفسي ثم يمنعني ... عِلْمي بأَنك مَجْبُولٌ على الكَرَم

وله:

مَنْ كان يرضى بِذُلٍّ في وِلايته ... مِنْ خوفِ عَزْلٍ، فإني لستُ بالرّاضي

قالوا فتركب أحياناً فقلتُ لهم: ... تحت الصّليبِ ولا في موكب القاضي

وله:

ألَا حَبَّذا رَوْضَتا نَرْجِسٍ ... تُحَيّا النَّدامى بِرَيْحانها

شرِبنا عليها كأَحْداقِها ... عُقاراً بكأْسٍ كأَجفانِها

ومِسْنا من السُّكْر ما بَيْنَها ... نُجَرِّرُ رَيْطاً كقُضْبانها

<<  <  ج: ص:  >  >>