للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله في كافات الشتوة:

يقولون كافاتُ الشّتاءِ كثيرةٌ ... وما هي إلاّ فَرْدُ كافٍ بلا مرِا

إِذا صَحّ كافُ الكيس فالكُلُّ بَعدَها ... يَصِيحُ: وكلُّ الصَّيْدِ يُوجَدُ في الفَرا

وللأمير الأديب أبي الثناء محمود بن نعمة بن أرسلان الشيزري، أنشدني لنفسه بدمشق في وزن قصيدة عملها مؤيد الدين أسامة بن منقذ يشكو ابن الصوفي بدمشق وهذا يجيبه عن تلك القصيدة:

يا ظالِماً نارُه في القلبِ تَضْطَرِمُ ... مَهْلاّ فظُلمُك تَغْشى نُورَه الظُلَمُ

كأَنَّك القوسُ تُرْدي وهي صارخةٌ ... وما أَلمَّ بها من غيرها أَلَم

تَجْني وتُلزِمني ذنباً أَتيتَ به ... ووجهُ غَدْرِك بادٍ ليس يلتثم

فكم تُحيلُ على الأَيّام صُنْعَك بي ... ودونَه تَعْجز الأيّام والأُمَم

والبُعْدُ أَيْسَرُ ما استوجبتَ من جهتي ... والهَجْرُ واللَّوْم والتفنيدُ والسَّأَم

يا مَنْ وهبتُ له قلبي فعذَّبَه ... وما اعتراني على إِعطائه ندم

بِئْس الجزاءُ بما أَوْلَيْتُ عَوَّضني ... والله يكرهُ ما يَأْتيه والكَرَم

قُل للذي باعني بَخْساً بلا ثمنٍ ... بأَيِّ عُرْوَة رِبحٍ أَنت مُعْتَصِمٍ

وعاذلٍ بات يَلْحاني على قمرٍ ... أَهوى الوفاءَ وأَنْ تُرْعى له ذِمم

فقلتُ والعَذْل يَطْويني وَيْنُشُرني ... أُكْفف فَهَمُّك لا تُثْني له الهِمَم

لا تُهْدِيَنْ ليَ نُصْحاً لستُ أَقبلُه ... واعلم بأنك في ذا النصح مُتَّهَم

مَنْ يتركُ العَيْنَ مُعْتاضاً بها أثراً ... عَمْداً ويُكذِبُ سَمْعاً ما به صَمَم

يا أَيُّها الرّاكِبُ الطاوي لِطِيَّتِه ... أَرضاً تَكِلُّ بها الوَخّادَةُ الرُّسُم

أَبلغ أُسامَةَ عن ذي النّصح مَأْلُكَةً ... فيها البصائر والآداب والحِكَم

في أَيّ دينٍ يُجازي المحسنون بما ... يَسُوءهم ولماذا تُجْحَد النِّعَم

أَتيتُمونا وقد ضاق الفضاء بكم ... ولم يَقَرِ بكم قُورٌ ولا أَكَم

والسُّمْرُ قد شَرَعَتْ فيكم أَسِنَّتُها ... وأُرْهِفت لكم الهِنْديَّةُ الخُذُم

وقد تَبَرَّأَ منكم كلُّ ذي نَسَبٍ ... وما أَجارَكُمُ عُرْبٌ ولا عَجَم

أَلْفَيْتُمونا لكم خيرَ المُجير وقد ... طافت بكم نُوَبُ الأيّام والنِّقَم

أَتَتْكُمُ رَوْضَةٌ غَنّاء مُزْهِرةٌ ... من جودنا وغَديرٌ مُتْرَعٌ شَبِم

ومَنْزِلٌ عند خير المُنْزِلين لكم ... رَحْبُ الذُّرى ومُقامٌ طاهر حَرَم

وأُطرِفَتْ أَعيُنُ الأعداء دوَنكُمُ ... ولم تَطُلْ نحوَكُمُ كَفٌّ ولا قَدَم

فحين أَدركَكمْ ما تأْمُلون بنا ... وما أَصابَكُمُ عارٌ ولا سَقَمُ

كفرتُمُ صُنْعنا المشكورَ أَنْعُمُهُ ... بِلُؤْمِكم وهو ما بين الورى عَلَم

وكنتمُ عَوْنَ مَنْ يبغي عَداوتَنا ... والله عونٌ لِمَنْ بالحقّ يَعْتَصِم

بَغْيٌ تُشَيِّده الأَطماعُ كاذِبةً ... وكلُّ مالا يَشيدُ اللهُ ينهدم

كما بغى ابن أبي سُفيان حين بغى ... ما ليس فيه له إِرْثٌ ولا قِسَم

ولو نشاءُ سَلَقْناكم بأَلِسنةٍ ... لُدٍّ بها تلتقى الأَقدام والِقمَم

لكن أَجارَتْكُمُ منّا مُحافَظَةٌ ... لها المُقاتل والأَطفْال والحُرَمُ

فأَين كُنتْم، وبيضُ الهِندِ مُصْلَتَهٌ ... والسَّمْهَرِيَّةُ والأَكباد تَنْحَطم

والأعْوَجِيَّةُ بالأَبطال مُقِبلَةٌ ... والخَلْقُ صِنْفان: مَقتولٌ ومُنْهَزِم

<<  <  ج: ص:  >  >>