للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ورَدَ الظمآنُ صلَّ بغِمده ... مَشوقاً إلى الماء الحسامُ المُذَلَّقُ

ولم يغنه شربٌ من الدم أحمرٌ ... وقد شاقه وِردٌ من الماء أزرق

ورُبَّ فلاةٍ جبتُها وهو مؤنسي ... وخَيفانَةٍ تجري مِراراً وتُعنِق

إذا سابقتها الرّيح شدَّت بأربعٍ ... فآلت وبَرَّت أنها ليس تُسبَق

قطوفٌ على جذب العِنان وإنَّها ... من السهم ما بين الخميسين أَمرق

وردتُ بها في الشام ماءَ معاشرٍ ... نداهم على وُسْعٍ من المال ضيِّق

مكارمهم وعدٌ ولا خيرَ خلفَها ... وودّهمُ المصنوعُ منهم تملُّق

تمخَّضَ لي بالوعد عاماً أَكُفُّهم ... وخلَّفتُها خلفي به وهي تُطلَقُ

يَمُنّونَ إن مَنَّوا ومَنُّوا بنَزره ... ولا خيرَ في طوقٍ من التبر يَخنُقُ

وظِلْتُ أُخَطِّيها البلادَ ودونَها ... طرابُلُسٌ حيث الأماني وجِلّق

ورجَّحتُ ما بين الملوك فمال بي ... رجاءٌ بذي السَّعدين أوفى وأوفق

مليكٌ به الآمالًُ ألقَتْ عصا النّوى ... فقرَّتْ وفي اوصافه المدح يصدُق

زجرْتُ به طيرَ المُنى فسَنَحْنَ لي ... وطائرُه الميمونُ فيها مُحلِّق

وعرَّضَ لي غيثٌ على الشَّيْم مُرعِدٌ ... من الشام ثجَّاجُ السحائب مُغدِق

توالى فلولا رحمةٌ منه أقلعَتْ ... لَخُيِّلَ أنّي فيه لا شكَّ أَغرَقُ

هو البحر إلاّ أنَّه غيرُ مالحٍ ... هو البدرُ إلاّ أنَّه ليس يُمْحِقُ

له خُلُقٌ كالرّوضِ حُسناً وبهجةً ... هي السيف بل أمضى، ورأيٌ موفَّق

ومن ذا الذي يستصعبُ الرزقَ بعدما ... درى أنَّ يُمناهُ عن الله تَرزُق

وَفَيْنَ الليالي خِيفةً عنه من فتىً ... يُصمِّم في أحداثها ويُطَبِّق

حمى الثَّغرَ من رشف المواضي فقد كفى ... تأَشُّبَ ما يحميه سورٌ وخندَق

لكم، آل عمّارٍ، على الجود مَسحَةٌ ... سحابُ النّدى فيها من التِّبر مُغدِقُ

مُساويكُمُ في الدهر طَولاً برغمه ... جَهولٌ بما فيكم من المجد أحمق

فلا تشكر الأقدارَ يا بنَ محمدٍ ... على الملك إنَّ الله فيك محقِّق

أَلاق عليٌّ شَمله وسما له ... به الدَّسْتُ إلاّ أنَّه بك أَلْيَق

فلا زلتَ فخرَ الملك، تؤمن خائفاً ... ويخشاك حسّاد ويرجوك مُملِق

وهُنِّيتَ داراً وطَّد السَّعدُ أُسَّها ... فصار إلى النّجم البناءُ المُوَثَّق

تقابل فيها الحُسن من كلِّ وِجهةٍ ... فأقطارُها من نور وجهكَ تُشرق

متمَّمَةُ الطّول الذي ليس يُرتَقى ... مُجدّدة السّعد الذي ليس يَخلُق

سمَتْ بك عن إيوان كسرى جلالةً ... فليس يدانيها على الأرض جَوسَق

ولا زلتَ تلقى العيدَ، جيشك وافرٌ ... به ولواء المجد فوقك يخفق

وقد رُفعتْ راياته فكأنّها ... مصوَّرةٌ، عن صدق بأسك تنطق

أَساودُها وثّابةٌ وأُسودها ... بِشَرْي مُجاجات الرّدى تتَمَطَّق

سواكن ما لم تقلَقِ الرّيحُ بُرهةً ... وتسكن فيها الريح طَوراً فتقلَق

فقل للعِدى آراؤه الدّهرُ فاحذروا ... سُطاه، ومن راياتِه الأُسْدُ فافرَقوا

فليثُ الشَّرى يُخشى على الأرض وَثْبُه ... فكيف به إن جاء وهو محلِّق

وقد رسَفَتْ في السّابِرِيِّ مَقودَةٌ ... تهادَى بها خيلٌ حوالَيكَ سُبَّق

تَخالَجُ في الأبصار حُسناً كأنّما ... تَجافيفُها الضافي عليهنَّ زِئبق

<<  <  ج: ص:  >  >>