وأُلصِقُ أحناءَ الضلوعِ على جوىً ... جميعٍ وصبرٍ مُستَحيلٍ مُشَتَّتِ
ثم أنشدني علم الدين الشاتاني عنه هذه الأبيات. وأنشدني المعلم الشاتاني لابن مُسهر:
حَسَرَتْ عن يَوْمِنا النُّوَبُ ... واكْتسى نُوّارَهُ العُشُبُ
واستقامت في مجَرَّتِها ... بالأماني السبعَةُ الشُّهُبُ
يا خليلي أين مُصْطَبَحٌ ... فيه للَّذّاتِ مُصْطَحَبُ
وثُغورُ الزهر ضاحكةٌ ... ودُموع القَطْر تَنْسَكِبُ
ولنا في كلِّ جارحةٍ ... من غِنا أطيارِهِ طرَبُ
اسقِنيها بنتَ دَسْكَرةٍ ... وهي أمٌّ حين تَنْتَسِبُ
خَنْدَريسٌ دون مُدَّتِها ... جاءتِ الأزمان والحِقَبُ
طاف يَجْلُوها لنا رَشأٌ ... قَصُرَتْ عن لحظه القُضُبُ
أَوْقَدَتْها نارُ وَجْنَتِه ... فهي في كَفَّيْهِ تلتهبُ
ولها من ذاتها طَرَبُ ... فلهذا يَرْقُصُ الحبَبُ
هذا البيت الأخير كنت أعلم أنه للأبِيوَرْدي من قطعةٍ أولها:
بأبي ظَبْيٌ تبلّج لي ... عن رضا في طَيِّه غَضَبُ
وأراني صُبْحَ وَجْنَتِه ... بظلام الليل يَنْتَقِبُ
ثم ذكر لي كمال الدين أنه كان إذا أعجبه معنىً لشاعر أو بيتٌ له عمل عليه قصيدة وادّعاه لنفسه.
واجتمع هو والأبيوَرْدي وهو لا يعرف ابنَ مُسهِر فجرى حديث ابنِ مسهر وأنه سرق بيت الأبيوردي فقال ابن مسهر بل الأبيوردي سرق شعري.
وأنشدني المهذَّب لابن مُسهر أيضاً:
هَجَرَتْ يدي فضلَ اليرا ... عِ، وذَمَّها السيفُ القَطوعُ
وشَكا مخاطبتي النديمُ وذمَّني الضيفُ القَنوعُ
ونفى همومي عن طِلا ... بِ العِزِّ مَطْلَبُهُ المنيعُ
إن لم أُجَشّمْها الطُّلو ... عَ بحيث أَنْجُمها طُلوعُ
وأنشدني المهذّب علي بن هدّاف العُلَثِيّ ببغداد سنة ستين للمهذّب ابن مُسهر الموصلي من قصيدة طويلة:
هي المواردُ بين السُّمْرِ والحَدَقِ ... فَرِدْ فإنّ المنايا مَوْرِدُ الأَبِقِ
وأطْيَبُ العيش ما تَجنيه من لَغَبٍ ... وأعذبُ الشُّربِ ما يَصفو من الرَّنَقِ
يا دارُ دَرَّتْكِ أخْلاف الغَمام على ... مَرِّ النسيم بجاري الغرب مُنْبَعِقِ
وإن عدَتْكِ أخْلاف الغَمام فانْتجعي ... ما رَوَّضَ الأرضَ من أجفان ذي حُرقِ
ومنها في صفة الفهد أبيات مُستحسنة أنشدنيها غيره، الأبيات التي فيها في وصف الفهد:
من كلِّ أَهْرَتَ بادي السُّخطِ مطَّرِحِ الحياءِ جَهْم المُحَيّا سَيِّئَ الخُلُقِ
والشمسُ مُذْ لقّبوها بالغَزالةِ لم ... تَطْلُع على وجهه إلاّ على فَرَقِ
ونَقِّطَتْهُ حِباءً كي تسالمَها ... على المنون نِعاجُ الرَّمل بالحَدَقِ
قال قاضي القضاة كمال الدين الشهرزوري: هذه الأبيات سرقها من ابن السراج شاعرٌ بصور، ما أبدل إلاّ قوله القافية حيث يقول:
والشمسُ مُذْ لقّبوها بالغَزالةِ لم ... تَطْلُعْ لخَشْيَتِه إلاّ على وَجَلِ
ونَقِّطَتْهُ حِباءً كي تسالمَها ... على المنون نِعاجُ الرَّمل بالمُقَلِ
قال: ومن قصيدة ابن مُسهر في وصف الخيل:
سودٌ حوافرها بيضٌ جحافلُها ... صِبْغٌ توَلَّدَ بين الصُّبْحِ والغَسَقِ
من طولِ ما وطئتْ ظَهر الدُّجى خَبباً ... وطولِ ما كَرَعَتْ من مَنْهَلِ الفَلَقِ
وأنشدني المرتضى لابن مُسهرٍ من قصيدة أولها:
الوجدُ ما قد هيّج الطَّللانِ ... مِنّي وأذكَرني حَمامُ البانِ
أنا والحمائم حيث تَنْدُبُ شَجْوَها ... فوق الأرائكِ سُحْرَةً سِيّانِ
فأنا المُعنّى بالقُدودِ أما لها ... شَرْخُ الشباب وهُنَّ بالأغصانِ
ومنها أنشدنيها التاج البلطي:
فافْخَرْ فإنك من سُلالةِ مَعْشَرٍ ... عقدوا عمائمهم على التيجانِ