شيَمٌ بالقبيح مُكتسياتٌ ... ومن الخير والجميل عَرايا
وله من قطعةٍ:
لم أكن عارفاً لِذُلٍّ ولكن ... صِرتُ جاراً لكم فأعْدَيتُموني
ومن أطبع ماله قوله في طبيبٍ هو ابن عمّشه:
ليَ ابن عمٍِّ حوى الجَهالةَ للْ ... حِكْمَةِ أَضْحى يَطِبُّ في البلد
قد اكْتفى مُذْ نَشا به ملك الْ ... مَوْتِ فما إن يُبقي على أحَدِ
تَجُسُّ يدَ المريض منه يدٌ ... أسْلَمُ منها براثِنُ الأَسَدِ
يقول لي النّاسُ: خَلِّه عَضُداً ... فقلت: يا ليتني بلا عَضُدِ
وأنشدني له بالقاهرة وقد زارني:
دَعوهُ على ضعفي يجورُ ويَشْتَطُّ ... فما بيَدي حَلٌّ لِذاكَ ولا رَبْطُ
ولا تعتِبوه فالعتابُ يزيدُه ... مَلالاً وأَنّى لي اصْطِبارٌ إذا يَسْطو
فما الوَعظُ فيه والعتابُ بِنافعٍ ... وإن يَشْرُطِ الإحسانَ لا ينفَعِ الشَّرْطُ
ولمّا تولّى مُعرِضاً بجنابه ... وبانَ لنا منه المَساءة والسُّخْط
بكيْتُ دَماً لو كان ينفعني البُكا ... ومزَّقْتُ ثوب الصَّبر لو نفع العَطُّ
تنازعَتِ الآرامُ والدُّرُّ والمَها ... له شَبَهاً والغصنُ والبدرُ والسِّقْطُ
فللرِّيم منه اللَّحْظُ واللَّونُ والطُّلى ... وللدُرِّ منه الثَّغْرُ واللفظُ والخَطُّ
وللغصن منه القدُّ، والبدرُ وجهُهُ ... وعينُ المَها عينٌ بها أبداً يسطو
وللسِّقْطِ منه رِدْفُهُ فإذا مشى ... بدا خلفَه كالموجِ يعلو وينحَطُّ
وأنشدني أيضاً لنفسه في غلامٍ أعرج:
أنا يا مُشْتكي القَزَلْ ... مِنكَ في قلبيَ الشُّعَلْ
أصبح الجسم ناحِلاً ... بكَ والقلبُ مُشتغِلْ
دُلَّني قد عَدِمْتُ صَبْ ... ري وضاقتْ بيَ الحِيَلْ
آنَ أَنْ تَجفو الجَفا ... ءَ وأنْ تَمْلَلَ المَلَلْ
وأنشدني لنفسه في مدح المولى الأجلّ الفاضل بمصر مُوَشَّحةً مُوَشَّعةً، مُستملحة، مُبدعة، سلك بها طريق المغارب، وأتى بها بالبدائع والغرائب، وهي:
وَيْلاهُ مِن رَوّاغْ بجَوره يقضي ... ظَبيُ بَني يَزداذ منه الجَفا حظِّي
قد زاد وِسواسي ... مُذْ زاد في التِّيه
لمْ يَلْقَ في النّاسِ ... ما أنا لاقيهِ
من قيّمِ قاسي ... بالهجر يُغريه
أَرومُ إيناسي ... بهِ ويَثنيهِ
إذا وِصالٌ ساغْ بقرْبِه يُرْضي ... أَبعده الأُستاذ لا حِيطَ بالحِفْظِ
وكلّ ذا الوَجدِ ... بِطول إيراقِهْ
مُضَرَّجُ الخَدِّ ... من دم عُشَّاقِه
مَصارعُ الأُسْدِ ... في لَحْظِ أحداقِهْ
لو كان ذا وُدِّ ... رَقَّ لمُشتاقهْ
شَيطانُه النَّزَّاغْ علَّمه بُغضي ... واستحوَذَ اسْتِحواذْ بقلبه الفَظِّ
دَعْ ذِكرَه واذْكُرْ ... خُلاصَةَ المَجْدِ
الفاضِلَ الأشهَرْ ... بالعِلم والزُّهدِ
والطَّاهِرَ المِئزَرْ ... والصادِقَ الوَعْدِ
وكيف لا أشْكُرْ ... مولىً له عِندي
نُعمى لها إسْباغْ صائنةٌ عِرضي ... من كفِّ كاسٍ غاذ والدَّهر ذو عَظِّ
مِنَّةُ مُسْتَبْقِ ... ضاقَ بها ذَرعي
قد أفحمَتْ نُطقي ... واستنفدتْ وُسعي