لو حُمّلت قودُ الجبالِ شوامخاً ... كلِفاً به هوت الجبالُ القودُ
أصبحتُ أمنحُه الوِصالَ ودأبُه ... لمُواصليهِ تجنُّبٌ وصُدودُ
يا موقِداً شُعَلَ الهُوى بجوانحي ... حتّام ليس لما تشُبُّ خُمودُ
شكراً لعارفة الخيالِ فإنّه ... أدنى وصالَك والوصالُ بعيدُ
قالوا المشيبُ طوى الشّبابَ وحبّذا ... ما بان وهْو من الشّباب حميدُ
واسترجعت نُوَبُ الزمان عطاءَه ... مني ولانَ على الثِّقافِ العودُ
فوسائلي عند الحسانِ أمينُها ... كلّ المُريب وشافعي مردودُ
لا راقَ عاتِقيَ النّجادُ ولا ضفت ... كرماً عليّ من العفاف بُرودُ
إن لم يبِت صدرُ القَناة مُضاجعي ... لتُغِبُّ زورتَها الفتاةُ الرّودُ
ما أنصفتْ قِسَمُ الليالي مُفصِحٌ ... صِفرُ اليدين وثروةٌ وبليدُ
حيثُ الفضيلةُ مهبِطٌ وخصاصةُ ... ومع النّقيصة كثرةٌ وصعودُ
سأشيمُ بارقةَ النّدى من مُنعمٍ ... لولا صنائعُه لغاضَ الجودُ
جذلانُ تحمَدُ مُعتَفوه حَياضَه ... وِرداً إذا رُفِضَ الصّرى المثمودُ
لم تخْلُ من نُعمى يديْه مشارقٌ ... ومغاربٌ وتهائمٌ ونُجودُ
خضِلُ الثّرى علِقت مواهبُ كفّه ... حُسنُ الثّناء عليه وهْو شَريدُ
ألفَتْ حُسامَ الدّين حاسمَ خُطّةٍ ... شعواءَ مشهدُ خطبِها مشهودُ
قامت به العَزَماتُ منتصراً لها ... وقيامُها المتناصرونَ قُعودُ
في حيثُ يقصُرُ خطْو كلِّ مُدجّج ... والحربُ عارضُ نقْعِها ممدودُ
فوقَ الجياد يحلّ أوصال الطُّلا ... تحت العَجاج لواؤهُ المعقودُ
فعلا مَنارُ النّصرِ بعدَ هُبوطِه ... بأبي السّعودِ لها وتمّ سُعودُ
وإذا غدا الأسدُ المُدلّ معبّساً ... عن غابِ أشبُلِه توارى السّيدُ
الخائضُ الغمَراتِ غيرَ معرِّدٍ ... عنها غداةَ يُعرِّدُ الصّنديدُ
تشكو مناصلُه الطُّلا وضِرابُه ... يُبدي خِضابَ نُصولِها ويُعيدُ
ويرُدّ قائدَ كلِّ جيشٍ أرعنٍ ... ووريدُه بسِنانه مورودُ
متنصّتٌ في الرّوعِ للدّاعي إذا ... حُطِم القَنا وتصامَمَ الرِّعديدُ
فالبأسُ في لحَظاتِه متردّدٌ ... والبِشرُ في قسَماته معهودُ
متفرّدٌ بطَريف كلّ صنيعةٍ ... شهِدتْ له أنّ الفخارَ تليدُ
يا جامعَ المجدِ البَديدِ بجوده ... ومفيدَ من أعطا عليه مفيدُ
شكرتْ مَقاماتُ النّبوّة موقفاً ... لك لو يقومُ بشكره مجهودُ
هبّت زعازعُه العواصفُ وانتشت ... فيه بُروقُ صوارمٍ ورُعودُ
فمن الكُماة مُعفّرٌ ومضرّجٌ ... بنَجيعِه ومصفّدٌ منجودُ
ومن الصّفيح مفلّلٌ في قوْنَسٍ ... ومن القَنا متأوّدِ مقصود
فحمَيْتَ مُسلمةَ الثّغورِ ولم يكن ... لولاك عن صَرَدِ النّبالِ مَحيدُ
فعروشُه بك لا تُثَلّ وعزُّها ... أبداً تشُدّ بناءهُ وتَشيدُ
شهِدتْ لرمحك يوم هزِّك صدرَه ... للطّعن ثُغرةُ باسلٍ ووريدُ
وجيادُك المتمطّراتُ بأنّها ... للجيش تقتم تارةً وتقودُ
ومُفاضة كالنِّهْي إلا أنّها ... مما تخيّرَ نسجَه داوود
عضْبٌ ومطّرِدُ الكُعوبِ وسابحٌ ... قلِقُ العِنان ومُحكمٌ مسرودُ
وكذاك رأيُك في الوقائع كلِّها ... خطِلُ القنا المهزوزِ وهو سديدُ