للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو أرادَ الإلهُ بالأرضِ خِصْباً ... ما تغنّى من فوقِه محمودُ

كلّما أنبتت يسيراً من العُشْ ... بِ وغنّى غطّى عليه الجليدُ

وأنشدني أبو المعالي الكتبيّ، قال: أنشدني محمد ابن جارية القصّار لنفسه، ونقلتهما من خطّه:

وأدهمِ اللّونِ ذي حُجولٍ ... قد عقدَتْ صبحَه بليلِهْ

كأنّما البرقُ خاف منه ... فجاءَ متمسكاً بذيلِهْ

وأتحفني الشيخ أبو المعالي الكتبيّ بكرّاسة من شعره بخطّه، ورواه لي عنه. فمن ذلك قوله من قصيدة:

وصاحبٍ سُمتُه استرفاقَ مُهلتِه ... بأنْ يدومَ له رِقّي على الزّمنِ

وما تحمّلتُ عِبْأَ من قوارصِه ... على وقوفي إلا ليحملَني

وقوله في كُتّاب الديوان:

الى كم أصون لساني ولا ... تصونونَ أعراضَكم بالجميلِ

وكم تُحفِظوني ولا تحْفَظو ... نَ مكاني وأدرأ عنكم فُضولي

فأقسِم إنْ خفّ حِلمي لكم ... وهمّتْ عواطفُه بالرّحيلِ

لأنتصِفَنْ منكُمُ للقريضِ ... وللآملين ولابْن السّبيلِ

وقوله يستهدي مِداداً:

إليك اشتكائي يا ابنَ الكِرا ... مِ شَيبَ دواتي قبل الهرمْ

وشيبُ الدّويّ كما قد علمْ ... تَ يعدِلُ في القبح شيبَ اللِّمَمْ

فمُرْ بخِضابٍ كفيلٍ بردِّ ... شبابِ ذوائبِه المنعدِمْ

وقوله في ذمّ الشّيب:

أكرهُ فودي أن يشيبَ وإن ... قال جهولٌ في الشّيبِ توقيرُ

المرءُ بدرٌ والشمسُ شيبتُه ... وما له في شُعاعِها نورُ

وقوله في تمني الشيب:

من خاف إن شاب هِجران الحسانِ وإص ... حارَ النّعيمِ ورفْضَ الكأسِ والنّغمِ

فلي الى الشيبِ شوقٌ ما يُنَهنِهُهُ ... سعيٌ للُقْياهُ من عمري على قدَمِ

ما أرغدَ الدّهرُ عيشي في الشباب ولا ... أحلى فأبكي شبابي حالةَ الهرمِ

وقوله من قصيدة:

راجع أناتَك أيها الغِرّيدُ ... هذا الفراقُ وما القلوب حديدُ

واستوقفِ العيس المراسِل تدّخِرْ ... أجراً فما تُعيي عليك البيدُ

إن كنتَ تخشى من ترفّعِ خِمسِها ... ظمأ فمنهَلُ مُقلتي مورودُ

أو كان يُعجلُك المراد فإنّ لي ... نفَساً يُعيدُ الروضَ وهو صَعيدُ

علّ البخيلةَ أنْ تجودَ بنظرة ... ولقد يجودُ بمائه الجُلْمودُ

إن كان موعدنا برامةَ غالَه ... خُلفٌ فهذا موعدٌ وزَرودُ

ومنها:

وأراكةٍ نشرَتْ ذوائبها الصّبا ... حتى تعقّدَ ظلُّها الممدودُ

ومنها في المدح:

سودُ الأثافي وهْو عامٌ أشهبٌ ... بيضُ الأيادي والنّوائبُ سودُ

وله:

الى كم أعلّلُ بالباطلِ ... ولا أستقرّ على حاصلِ

وأُدفَع من باخلٍ لا يَدينُ ... بدين السّماح الى باخِل

يصون بِرضِ جبانِ الفؤادِ ... حِمى عرض بطل باسلِ

أحلّيه بالدُرَرِ المُثْمِنات ... وأرجِعُ بالأملِ العاطلِ

ومنها:

إذا كان حظّ الفتى صاعداً ... فلا بأسَ بالأدبِ النازلِ

أحِذْقاً ورزقاً لقد رُمتَ ما ... يزيدُ على أملِ الآملِ

هما خلفان فهذا المقي ... مُ يُعقَبُ من ذلك الرّاحلِ

لقد ألجأتني صُروف الزّمان ... لحكمِ ضَرورتِها الحاملِ

الى معشرٍ قد أتمّوا الرّضا ... عَ من ضرْع لؤمهمُ الحافلِ

شيوخُهمُ بعدُ لم يُفطَموا ... وعالمُهم ضُحكةُ الجاهلِ

صُدورٌ ولكنّ أعجازهم ... صُدورٌ لوخْزِ القَنا الذّابلِ

وقوم رأوا أنّني شاعرٌ ... فلم يرفعوني عن الخاملِ

ولم يعلَموا ما رُواةُ القري ... ضِ عنديَ من آلةِ الكاملِ

وما غايةُ الفضلِ نظمَ القريض ... ولكنّه نفثةُ الفاضل

<<  <  ج: ص:  >  >>