للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرَّ فَرِيرِيُّهَا وأَزْعَجَها ... نِداءٌ دَاوِيِّهَا تَلَهُّفُهَا

يُمْطَرُ مُطْرَانُها العذابَ كما ... يُرْدَى بهدِّ السقوفِ أُسْقُفُها

تَكْسِرُ صُلْبَانَهَا وتَنْكِسُها ... لقصمِ أَصْلاَبها وتَقْصِفُهَا

أوردْتَ قُلْبَ القلوب أَرْشِيَةً ... من القنا للدماءِ تَنْزِفُهَا

وَلَّيْتَهَا سَفْكَهَأ فعامِلُهَا ... عَامِلُهَا والسِّنَانُ مُشْرِفُهَا

تعسَّفَتْ نحوكَ الطريقَ فما ... أَجدى سوى هُلْكِهَا تَعَسُّفُها

وحسبها في العمى تَهَافُتُهَا ... بل لسهامِ الرَّدَى تَهَدُّفُهَا

يُمْضي لك اللهُ في قتالهمُ ... عزيمةً للجهادِ تُرْهِفُهَا

إِنْ أَظْلَمتْ سُدْفَةٌ أَنَرْتَ لها؛ ... أَبْهَى ليالي البدورِ مُسْدَفُهَا

بشائرُ الدينِ في إزالته ... مواعد الله ليسَ يُخْلِفُهَا

ومنها:

أدركتَ ما أَعْجَزَ الملوكَ وقد ... بات إلى بَعْضِهِ تَشَوُّفُهَا

جاوزتَ غاياتِ كلِّ منْقَبَةٍ ... يعز إلاَّ عليك مَوْقِفُهَا

وإنَّ طُرْقَ العَلاَء واضحةٌ ... آمِنُها في السلوكِ أَخْوَفُها

صلاحَ دين الهُدى لقد سَعِدَتْ ... مملكةٌ بالصلاحِ تُتْحِفُها

عندي بشكر النُّعْمى ثِمارُ يدٍ ... زاكيةُ الغرسِ أنت تقطفها

فاقبلْ نقوداً من الفضائلِ لا ... يُصَابُ إلا لديكَ مَصْرَفُها

أصدافُ دُرِّي إليكَ أَحملها ... وعن جميع الملوك أَصْدِفُها

إن لم تُصِخْ لي فهذه دُرَرِي ... لأيِّ مَلْكٍ سِواكَ أَرْصُفُها

وهل لآمالنا سوى مَلِكٍ ... يَنْقُدُها بِرَّهُ ويُسْلِفُها

دنيا من الفضلِ قد خَلَتْ وبدا ... للنَّقْصِ في أهله تَعَيُّفَها

وكلُّ سوقٍ للفضلِ كاسدةٍ ... بانَ لأعدائه تَحَيُّفُها

وهل يروج الرجاءُ في نَفَرٍ ... كُلُّهُمُ في العُلاَ مُزَيَّفُها

قد عَطَفَتْ لي فضائلي وَوَفَتْ ... لكنْ حظوظي أَعيا تَعَطُّفُها

وفضلىَ الشمسُ في مطالعها ... لكنَّ جهلَ الزمانِ يَكْسِفُها

قد أَعْرَبَتْ فيك بالثنا كَلِمي ... وحاسدي ضَلَّةً يُحرَِفُها

أَسْدَى لنا شِيرَكُوهُ عارفةً ... يوسفُ من بعدها سيخلفها

أَنت قَمِينٌ بكلِّ تالدةٍ ... إنَّكَ يا ابنَ الكرامِ تُطْرِفُها

ومنها قصيدة أخرى موسومة باسمه أنفذتها إليه من دمشق إلى مصرَ في شهر صفر سنة سبع وستين، أولها:

مُتَثَنِّي العِطْفِ أهيفُهُ ... كيفَ لا يُرْجَى تَعَطُّفُهُ

زادَ في قَتْلي تَسَرُّعُهُ ... ثم في وصلي تَوَقفُه

يا ضنى جسمي لقد خطفَ ... القلبَ مُضْنَى الخصرِ مُخْطَفهُ

وبنفسي من أراقَ دمي ... منه جَفْنٌ سُلَّ مُرْهَفُه

وبلائي من مُقَبَّلِهِ ... وشفائي حين أَرْشُفهُ

ولقلبي مالكٌ أبداً ... يتلافاهُ ويُتْلفه

من لمهجورٍ يدومُ على ... وصلِ من يهوى تأَسُّفُهُ

ومن البلوى تَلَهُّبُهُ ... ومن الشكوى تَلَهُّفهُه

وسقيمُ الطرف يُسْقمه ... ونحيفُ الخصرِ يُنْحِفُه

يتناهى في تَظَلُّمِه ... من حَبيبٍ ليسَ يُنْصِفُه

حَبَّذا ليلُ الشبابِ وقد ... طاب للسمَّارِ مُسْدَفُه

وزمانٌ بالعراقِ لنا ... رقَّ لما راقَ زُخْرُفُه

حين يُصيبني مُقَرْطَقُه ... ويُصَافيني مُهَفْهَفُه

ويُنَاجيني مُقَرَّطُهُ ... ويُنَاغيني مُشَنَّفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>