وكأن محمرَّ البروقِ صوارمٌ ... سُفِحَتْ على صفحاتِهِنّ دماء
أَو يَثْنِيَنِّي لا أَزورُ خيامَها ... ولأَسعدَ القاضي الأشمِّ مضاء
ومنها في المديح وتقريظه بالقضاء:
قاضٍ له دِينٌ وصدقُ شهادةٍ ... ذو الجاه فيها والضعيفُ سواءُ
وعدالة حُفِظَتْ بعقلٍ راسخٍ ... لا تستميلُ جنابَهُ الأَهواء
وله من أخرى أولها:
لمن الآنساتُ وهْيَ ظِباءُ ... واليعافيرُ حُجْبُها السِّيَرَاءُ
والشموسُ التي لويْنَ غصوناً ... لَمْ تُرَنِّحْ خصورَها صَهباءُ
فاختفَى في القُدودِ أَرْيٌ ورَاحٌ ... وبدا في الخدود نارٌ وماء
تنثني قامةً وتَجْرَحُ طَرْفاً ... فهْيَ للسَّمْهَرِيَّةِ السَّمْراءُ
طَرَقَتْ والكَبَاءُ والمندلُ الرطبُ ... عليها وحَلْيها رُقَبَاء
ومنها:
ودُوَيْنَ الفتاةِ أبيضُ رقرا ... قُ الحواشي ولأْمَةٌ خَضْرَاء
وفتى لاحَ فوق أدهمَ نهدٍ ... قمراً في عنانه ظلماءُ
وكماةٌ تجلو الأسنَّةَ شُهْباً ... ودُجَاهَا العَجَاجَةُ الشَّهْبَاءُ
تصدُرُ المرهفاتُ عن مورد الها ... مِ كما ضرَّجَ الخدودَ حَيَاءُ
يا لحى اللهُ ريبَ دهرٍ خؤونٍ ... سادَ فيه كرامَهُ اللؤماء!
وزماناً نحبُّه! فكأنا ... حِين يَسْطُو بنا له أعداء
ومنها في المخلص:
بالعلا يُعْرَفُ الكرام ولكنْ ... عُرِفَتْ بالمُوَفَّقِ العلياءُ
ماجدٌ لو عَرَا اللّيَاليَ داءٌ ... كان في رأيه لهنَّ شفاء
راحةٌ لا تُرَاحُ من هَدْمِ جُودٍ ... ببنانٍ لها المعالي بناء
هدم الجود ليس بتقريظ، وإنما المدح لو قال من هدم المال بالجود.
فهو والدهرُ حِنْدِسيٌّ بهيمٌ ... غُرَّة في جبينه زَهْرَاء
ولو ان الصّبَا لها منه عَزْمٌ ... نَهضَتْ بالجبال وهْيَ رُخَاء
طَوْدُ حِلْمٍ رَسَتْ به الأرضُ لمَّا ... شمخت منه ذِرْوَة شَمَّاءُ
ومنها:
ذكرُكَ الراحُ والمُذَكِّرُ ساقٍ ... وكأنَّ المسامعَ النُّدَمَاءُ
فإذا ما أُديرَ حمدُك صِرْفاً ... هزَّ أَعطافنا عليك الثناء
وله في جارية رقاصة:
ولطيفةٍ في الرقص يُعْطَفُ قَدُّها ... كتعطُّفِ اليَزَنِيَّةِ السمراءِ
تختصُّ بالحركات منها سرعةٌ ... كتخصُّصِ الأرواح بالأعضاء
خَفَّتْ فلو رقصت بأعلى لُجَّةٍ ... ما بلَّ أخْمَصَها حَبَابُ الماءِ
وله
وأَغْيَدَ خدُّه يَنْدَى فيجري ... على وَرْدِيِّهِ الدرُّ المذابُ
صفا ماءُ الشبابِ بِوجْنَتَيْهِ ... فلاحَ عليه من عَرَقٍ حَبَابُ
وله في الأوصاف:
نديمي أَفِقْ فالفجرُ قد لاح ضوءُهُ ... كما سَالَ نَهْرٌ أو كما سُلَّ مِقْضَبُ
وذا فلكٌ ساقٍ يديرُ كؤوسَهُ ... نجوماً إذا وافَتْ فمَ الغَرْبِ تُشْرَبُ
وقد شاخض زنجيُّ الدُّجى والذي بدا ... به من هلالٍ حاجبٌ لاحَ أَشْيَبُ
وله من قصيدة:
أَوْدَعُوا الزُّهْرَ حُدوجاً وقبابا ... وسَرَوا في شَعَرِ الليلِ فشابا
ولوى الطرفُ سناهُمْ فانبرى ... يحسب الجُرْدَ اليعابيبَ الرِّكابا
صيَّرُوا الجنح سَنَا الصبح وما ... سَفَرُوا عن غُرَرِ الغيدِ نِقَابا
إذ توارى الفجرُ بالليلِ كما ... وَلَجَ السيفُ اليمانيُّ القِرَابا
وَحَنى قوسَ هلالٍ رُبَّما ... طَرَدَتْ سهماً رأيناه شهابا
إنَّما ودَّعَ قلبي جَلَدِي ... يوم ودَّعْتُ سُلَيمى والرَّبابا
ومنها:
حُجِبَتْ في نورها وَجْنَتُها ... فرأيتُ الشمسَ للشمس حِجَابا
وَجْنَةٌ حمراءُ تَنْدَى عرقاً ... مثلما رَقْرَقَتِ الراحُ الحَبَابَا