ومَنْ لم يعشق الدنيا قديماً ... ولكن لا سبيلَ إلى الوصال
فلو أَدليتَ دَلْوَك في دلاءٍ ... مَتَحْتَ به من الماء الزُّلال
وكم أدليتُ من دَلْوٍ ولكن ... بلا بَلَلٍ يُرَدُّ على قَذَالي
وكم عَلَّقْتُ أطماعي رَجاءً ... بخُلَّبِ بارقٍ وَوَميض آلِ
فلا أنا بالكفاف النَّزْرِ راضٍ ... ولا أنا عن طِلاب الكُثْرِ سال
ولكنْ ذاكَ من قَبْلِ اعتمادي ... على عبد العزيز أَبي المعالي
يعني الجليس بن الحباب.
ومنها:
أَصِخْ وأَجِبْ إجابة أَلْمَعيٍ ... كما خُلِقَ اللَّهاذِمُ للعَوَالي
وكم مَنْ سادَ قبلكمُ اتفاقاً ... فلم أخْطِرْ سيادَته ببالي
فلِمْ يا سادتي أَقْصَيْتُمُوني ... وفي الإقصاءِ عُنْوَانُ الملال
ومنها يعرض بهجو بعض أصحاب الدواوين:
من أجل الغَنَاءِ أَحَلْتُمُوني ... على بَغَّاءَ ذي داءٍ عضال
يكلفني مع البَرْطِيل..... ... وذلك بيننا سبب التقالي
فما لي ما لَهُ فيهِ مجالٌ ... و...... ليس بفضل عن عيالي
ومنها:
وكُتّابٌ لهمْ أبداً حُمَاتٌ ... تُعَدُّ لها الرُّقَى مثل الصِّلالِ
وكلهمُ يجرُّ إليه نفعاً ... فعادتُهُ احتجابي واعتزِالي
بأيدٍ تبتدرْن إلى الرَّشاوي ... كأيدي الخيل أَبْصرَتِ المَخَالي
ولستُ أزُورهمْ إلا بشعرِ ... أُنَمِّقُهُ وذلك جُلُّ مالي
فأَغْشَى بالمِحَال الصِّرْفِ منه ... مجالسَهُمْ فأرجعُ بالمُحَالِ
وكم قبَّلْتُ من كفٍ ولكن ... يهونُ على مُقَبَّها سِبَالي
وأحضرُ من ركابٍ في ركابٍ ... إلى أن خَفَّ من ثِقْلٍ طحالي
وأثَّرَتِ السنابكُ فوق رجلي ... بوَطْءِ نعالِها مثلَ الهلال
وهذا يَسْتَطِيل عليَّ زَهْواً ... وذاك يُعِلُّني كأسَ المِطال
وقد علموا وإن لم يصرفوني ... ببأسٍ أنْ سيصرفني مَلالي
وحالي كلَّ يوم في انتقاص ... ومن باب التمحُّلِ قولُ حالي
من قول عبد المحسن الصوري:
أَقُلْ حالي وإنَّ مَقَال حالي ... لمن قُبْحِ الحلِّي بالمُحَال
ومنها:
فيا عُمَرَ الحوائجِ قُمْ بأمري ... فقد نَبَّهْتُ منكَ أَجَلَّ كالي
فها أنا قد رجعتُ إلى ذُرَاكمْ ... فمنهُ نَشْأتي وله مآلي
وعُدْتُ كما عهدتَ من اتصالي ... لكم عَوْد النِّصال إلى النِّبال
فإن أُبلغْ بكم أَملي فإني ... رَجَوْتُ الرِّيَّ من سُحُبٍ ثقالِ
وإن أُحْرَمْ فقد أبلغتُ عذري ... فإنّ الذَّنْبَ للأيام لا لي
وله في الهجو:
من كان ذا نِحْلَةٍ يُعَجَّلُهَا ... فالشعر حَظِّي من سائر النِّحَلِ
إن لم يُنِلْنِي حَظّاً بحرفتهِ ... فكم شَفَى غُلَّتي من السِّفَلِ
وله من أول أبيات:
طالَ ليلي فيك يا بَدْرَ الدُّجَى ... أَرْتجي منك الذي لا يُرْتَجَى
لا أرى أن أشتكي ما حلَّ بي ... يَأْمُرُ الشوقُ وَيَنْهَاني الحِجَى
يا مُعِيرَ الغُصْنِ قَدّاً أَهْيَفا ... ومُعِيرَ الظّبْيِ طَرْفاً أَدْعَجَا
علِمَتْ عيناك عذري فيهما ... فأقامتْ ليَ فيك الحُجَجَا
وله يستهدي شعيراً:
إليك ابْنَ إبراهيم راحةَ مُشْتَكٍ ... لِنَفْثَةِ مَصْدورٍ شكا حَرَّ صدرِهِ
تكنَّفَهُ الحرمانُ حتى لو انه ... سَرَى يستميح الغيثَ ضَنَّ بقطره
وأصعبُ ما يُمْنَى به في مقامهِ ... شِرَاهُ شعيراً في تقلُّص سِعره
ويقصُرُ عن تكليف ذلك وَجْدُه ... وأنَّى له ذكرٌ يَفوهُ بذكرهِ
فجُدْ لي بهِ وارحمْ فديتُك شاعراً ... قُصَارَاهُ أن يُجْزَى شَعيراً بشِعره