للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن اليوم لا أَخْشَى من الخَطْبِ طارقاً ... وبابُكَ منّي بالأَمَانيِّ يُطْرَق

وإن يسيراً من يسارٍ لَمُقْنِعي ... إذا لم يَكُنْ إنفاقيَ الحمدَ يَنْفُقُ

وما سُدَّ بابُ العُرْفِ دونَ مَطَالبي ... ولكنْ بك المعروفُ أَحْرَى وأَلْيق

ثم أهدى لي من شعره قطعة فاثبت منها ما اتفق وسلكت في العقد منها ما اتسق، فمن ذلك قوله في مدح الملك الناصر صلاح الدين من قصيدة:

عَدَاكَ إلى أَعدائك الذُّلُّ والقَهْرُ ... ولا زال مخصوصاً بك العزُّ والنصرُ

وَدُمْتَ صلاحَ الدين للدين مُصْلِحاً ... يُطيعكَ في تصريفِ أَحوالِهِ الدهرُ

وأبقاكَ للإِسلام من شاءَ كَوْنَهُ ... ببقياك في أمرٍ يُجَنَّبُهُ الذُّعْرُ

مُفِيضاً على المُلْكِ الأغرِّ ملابساً ... من النصر حاكت نَسْجَه القَصَبُ الْخُضْرُ

ومنها:

أَفَضْتَ به الإِحسانَ والبِرَّ فانْثَنى ... نِهَاراً فلاقى خِصْبَهُ السَّهْلُ والوَعْرُ

ومهَّدْتَها بالعدلِ والأَمن فاغتدى ... بها آمناً في سِرْبِهِ البرُّ والبحر

فما هي إلاّ جنةٌ أنت خُلْدُها ... ورضوانُها والروضُ والكوثر الغَمْرُ

وقوله من قصيدة في الملك عز الدين فرخشاه:

جادَ بالوصْلِ بعد منعِ الخيالِ ... وأَنَالَ الوِداد بعد المَلال

ومنها:

وأَباحت حِمَى اللَّمَى مقلتاهُ ... صادياً صُدَّ عن شهيِّ الزُّلالِ

وكَسَا بالقَبُولِ سُودَ الليالي ... وَجْهُ إقباله بياضَ اللآلي

قمرٌ في هواه قامَرَ قلبي ... بهُدُوِّي فاعتاضَ نار الخَبال

ورأى حُبُّهُ عليَّ حراماً ... كلَّ حال من السلوِّ حلال

نَمْ هنيئاً يا ساهرَ الليل واقصرْ ... أَمَدَ الفكر في الليالي الطوالِ

واجنِ ما أَثْمَرَتْهُ عاقبةُ الصَّبْرِ ... على الهجر من جِنانِ الوصال

ومنها في المدح:

جلَّ مدحُ الأَجلِّ عن كلِّ وَصْفٍ ... بمقالٍ يَحُدُّهُ أَو فَعالِ

وتَغالى الورى فقال تعالى ... عن شبيهٍ في عصره أَوْ مثالِ

مَلِكٌ يتقى عليه إذا ما ... قابَلْتَهُ العيونُ عينُ الكمال

عَلَتِ المعتلين غُرُّ سجايا ... هُ فأضحت معالياً للمعالي

وسما مجدهُ على كلِّ مجدٍ ... فأَعارَ الجَلالَ وَصْفَ الجلال

أين من جوده حَيَا السحبِ أَمْ مِنْ ... بأْسِهِ المُتَّقى سُطَا الرئْبالِ

همَّةٌ شأْوُهَا قَصِيٌّ وعزمٌ ... عضبُهُ المُنْتَضَى حديثُ الصِّقَال

وعطايا تُرْبى على التُرْبِ في العَدِّ ... وتُزْرِي بالعارضِ الهَطَّال

جُيِّشَتْ بالمديح منه وسارتْ ... من عبيرِ الثناءِ في قسطال

تَتَّقِي زحفَها النجومُ ويَنْحَطُّ ... لها عن مَحلِّهِ كلُّ عالِ

فترى قبلَ موقف البعثِ يوماً ... فيه دكُّ الرُّبَى وبسُّ الجبال

ومقام العفاة بين دعاءٍ ... ونداءٍ، ورغبةٍ، وابتهال

وقوله من تهنئة بمولود:

إن أَخَّرَ العبدَ عُذْرٌ عن فريضته ... من الهناءِ فلم يَسْطِعْ يُؤَدِّيها

فقد تفوتُ صلاةُ الوقت مجتهداً ... ويقبلُ اللهُ منه حين يَقْضيها

فاهنأْ به قادماً عَمَّتْ مَسَرَّتُهُ ... وخُصَّ من فَضْلِ مُوَاليها

ومنها:

إنْ كان يَفْرَحُ بالمولودِ ذُو وَلَدٍ ... للفضلِ جادَ بجدواه لراجيها

فلَلْمُفَضَّلُ أحْرَى أنْ يُسَرَّ بمَنْ ... يُرْجَى لأنْ يهبَ الدنيا وما فيها

وقوله:

شكرتُكَ غيرَ مُلْتمِسٍ مزيداً ... من النُّعْمَى تزيدُ على مزيدكْ

<<  <  ج: ص:  >  >>