للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهْو لو كان بين حجِّي وَنُسْكِي ... صدَّ في بغضهِ عن التَّطْوِيف

أنت وسَّعْتَ بيتَ مالي فَوَسِّعْ ... منزلي فهو منزلٌ للضيوف

وَأَجِرْني من الضنا واجْرِني منك ... على حسن خُلْقِكَ المأْلُوفِ

وله يعتذر عن عثرة جرت منه في سكرة:

إِذا ضاقُ عن دنيا الفتى سعةُ العُذْرِ ... فبالسيفِ عَاقِبْ فهو أَيْسَرُ مِنْ هَجْرِ

ركبتُ كُمَيْتَ الرَّاح وهْي جِمَاحُهَا ... شديدٌ ومالي بالتَّفَرُّسِ مِنْ خُبْرِ

وأرسلتُ ما بين الندامى عِنَانَها ... فجالتْ وأَلْقَتنِي على وَعِرِ السكر

فإن جدتَ بالصفح الذي أنْتَ أَهْلُهُ ... تدارك ذاك الكسر منِّيَ بالجبر

وإلا فإني غيرُ باقٍ بغُلَّةٍ ... أَضُمُّ لها عُوجَ الضلوع على الجمر

وما ضاقت الدنيا على مُتَغَرِّبٍ ... تَحمَّلَ ثقلاً أن ترحَّلَ عن مصر

وإن كنتُ قد أَذَنَبْتُ ثم غَفَرْتَ لي ... فذاك على مقدار قَدْرِكَ لا قَدْرِي

وله في رمد طال بغير أمد:

ما لنهاري كأَنَّهُ الغَسَقُ ... وما لليلي ما شَقَّهُ الفَلَقُ

وما لعيني أَرَى بها عَجَباً ... تَغْرَقُ في مائها وتحترق

ولي طبيبٌ تشكو مراوِدَهُ ... وتستغيثُ الجفونُ والحدق

شِيافُهُ تطرد الشفاءَ إِذا ... مرَّ بعيني وَكحْلُهُ الأرق

وإنْ تمادى عليَّ زرتكمُ ... وقائداي العِصِيُّ والحَلَقُ

لم يَبْقَ من صيغَةِ المدام سوى ... جفونِ عَيْنٍ كأنها الشَّفَقُ

وبي من الدَّاءِ ما حكايته ... لا بدَّ منها وتركها خُرُقُ

طَبْعي ووجهُ البخيل في قَرَنٍ ... هذا وهذاك ليس ينطلق

يا عيْنُ حَتَّامَ أَنْتِ باكيةٌ ... قد نَفَذَ العيْنُ فيك والوَرِقُ

وله في صفة روضة:

ذاتُ غديرٍ خِلْتُهُ ... صَرْحَ زُجَاج مُرِّدا

ثم انثنى مُنْعَطِفاً ... مرتعشاً مُرَدَّدا

خافَ من الريح وقد ... هَبَّت به فارْتَعَدا

كأنما يد الصَّبَا ... مَدَّت عليه زَرَدَا

ومنها:

واحسرتا حتى متى ... أُنْهِضُ حَظًّا مُقْعَدا

وله في المديح:

ولم يُرَ كالمدائح فيه تَسْرِي ... خفافاً تَحمِلُ المِنَنَ الثِّقَالاَ

ونُنْشِدُهُ مدائحَهُ اقتضاباً ... فيعطينا مَنائحَهُ ارْتِجالاَ

وقال أبو الطاهر من قصيدة، وقد عزم عيه بعض الأمراء في المسير معه إلى الشام لقتال الغز، أولها:

غيرُ عاسٍ عليكِ تقويمُ عودي ... فانُقضي من ملامتي أو فزِيدي

قلْ لمولاي إذ دعاني لأمرٍ ... قُمْتُ فيه له مقامَ العبيد

ضَعُفَت حيلتي وقلَّ غَنائي ... وَدَنَتْ غايتي وَرَثَّ جَديدي

أنا ما لي وللشآم وإني ... لأَرى نارَ حَرْبِها في وَقُودِ

بَلَدٌ جِنُّهُ عَفَارِيَةُ الْغُزِّ ... وأرضٌ وحوشُها من أُسُودِ

والجِفارُ التي تقول إذا ما ... قيلَ هلا امتلأَتِ هَلْ من مزيد

وكأنْ بي على بعيرٍ تراني ... آخرَ الناس في لفيفِ الحُشُود

أَسْوَدَ الوجه ناظراً في أُمُورٍ ... معضلاتٍ من الحوادث سُود

وإذا قيلَ في غدٍ يلتقي النا ... سُ فلا تنسَ فهْو بيتُ القصيد

حين لا ناظري تراهُ ححديداً ... حين يبدو له بريقُ الحديد

حين لا يُتَّقَى لساني ولا ... يَثْنِي زمامَ البعيرِ عنِّي نشيدي

إنّ رأْيِي إذا تَسَدَّدَ نحوي ... سهمُ رامٍ لَغَيْرُ رَأْيٍ سديدِ

وإِذا ما قُتِلْتُ كنت خليقاً ... بدخولي جَهَنَّماً في خلودِ

فأقِلْني عثارها وابْق للحمد ... وكَبْتِ العِدَا وغَيْظِ الحَسُود

<<  <  ج: ص:  >  >>