للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها في المدح:

هذا الذي جدواه سبعة أبحر ... تجري ولكن ماؤهنّ معين

ذو هيبةٍ كالليث إلا أنه ... متردد وله النفوس عرين

برٌ فليس الوعد منه بمخلف ... أبداً وليس العهد منه يخون

فوليُّه في الأكبرين معظم ... وعدوه في الأصغرين مهين

وله الى الفعل الجميل توثّبٌ ... وله عن القول القبيح سكون

فالظل لا متنقل والورد لا ... متكدر، والمنّ لا ممنون

خلق كنوار الحدائق زاهر ... وحِجى كأعلام الجبال رصين

وحميّة تولي الأذلّةَ عزةً ... وتعلِّم الأيام كيف تكون

ونصيحة لله يوضح نورها ... ظُلَمَ الشكوك إذا دجت فتبين

وله في الغزل؛ ويغنّى به:

مولاي يا نورَ قلبي ... ونور كلِّ القلوبِ

أما ترى ما بجسمي ... من رقةٍ وشحوب

وما بداخلِ قلبي ... من لوعةٍ ووجيبِ

فلِم بخلتَ بوصلي ... وليس لي من ذنوب

فإن يكن لي ذنبٌ ... فأنت فيه حسيبي

ومحنتي فيك جلّت ... عن فهم كل لبيب

وما لسقمي شفاء ... ولا له من طبيب

ولا لدائي دواء ... إلا وصالُ الحبيب

مولاي إن ذبتُ عشقاً ... فليس ذا بعجيب

برِّدْ غليل فؤادي ... بزورة عن قريب

ففي صميم فؤادي ... جهنّم في اللهيب

وله:

بمهجتي ظبي خدر زار مكتتما ... فردّ روحي الى جسمي وما علما

أبدى القبول مع الإقبال حين بدا ... وقدّم البشرَ والتسليمَ إذ قدما

فقلت: مولاي صلْ من شفّه سقم ... فجاد لي بوصال أذهب السقما

فعاد شكّي يقيناً في زيارته ... فلو ترحّل عن عيني لما عدما

وله في المعنى:

أتاني من أهوى على غير موعد ... فخيّل لي أن الزيارة في الحُلْمِ

تبختر في الأرداف كالغصن في النقا ... ولاح على الأزرار كالقمر التّمِّ

خضعتُ له والذلّ من شيم الهوى ... فأسعد بالتقبيل والضمّ والشمِّ

وأطلعته عمداً على ما يجنّه ... جناني من البلوى وجسمي من السقم

فأشفق من حالي ورق لذلّتي ... وجاد بوصل ردّ روحي الى جسمي

ولما مضى فكّرت في كل ما انقضى ... فصار يقيني فيه أثبتَ من وهمي

وله:

جاد بالياسمين والورد خدٌ ... وحبا الأقحوان والخمرَ ثغرُ

أنا والله عاشق لك حتى ... ليس لي عنك يا منى النفس صبر

فحياتي إن تمّ لي منك وصل ... ومماتي إن دام لي منك هجر

وله:

بأبي ظبي مليح فائق ... بابليّ اللحظ غصنيّ القوام

عسليّ الريق خمريّ الهوى ... لؤلؤي الثغر درّي الكلام

إن تثنّى ماس غصناً في نقا ... أو تبدّى لاح بدراً في تمام

حزتُ إذ نادمني من وجهه ... دعوة تمّت بروض ومدام

وخشيت البين إذ ودّعني ... فانثنى يومُ وداعي بالسّلام

وله من المراثي، ما يحل للقيام حبى المستمع الجاثي، فمنه قوله من قصيدة طويلة:

عزّ العزاء وجلّ البينُ والجزعُ ... وحل بالنفس منه فوق ما تسعُ

يا عينُ جودي بدمع خالص ودمٍ ... فما عليك لهذا الرزءِ ممتنع

فالجسمُ ينحلُ والأنفاسُ خافتة ... والقلب يخفق والأحشاء تنصدع

كوني على الحزن لي يا عين مسعدة ... فإن قلبي لما تأتينه تبَع

ومنه:

وكانت الأرض لا تحوي محاسنه ... وقد حوى شخصَه اللحدُ الذي وضعوا

مَن لليتامى وأبناء السبيل وهم ... قد ارتوَوا من أياديه وقد شبعوا

بُعداً ليوم أتاه الموت فيه فما ... به الذي بصر من بعدُ مطّلع

بكته شمس ضحاه واختفت جزعاً ... وألفيت تحت ستر الغيم تطلع

<<  <  ج: ص:  >  >>