للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضوّع منها العنبر الورد فانثنت ... وقد أوهمتني أن منزلها السِّحْر

سرى الكبر في نفسي لها ولربّما ... تجانف عن مسرى ضرائِبِي الكبر

وشيت بها معنى من الراح مطربا ... فخيل لي أن ارتياحي بها سكر

أبا عامر، أنصف أخاك فإنّه ... وإياك في محض الهوى الماء والخمر

أمثلك يبغي في سمائيَ كوكبا ... وفي جوك الشمس المنيرة والبدر

ويلتمس الحصباء في ثَعَب الحصى ... ومن بحرك الفيّاض يُستخرج الدر

عجبت لمن يهوى من الصَّفر تَوْمَةً ... وقد سال في أرجاء معدنه التبر

ومن رسائله، كتب عن أمير المسلمين، وناصر الدين، إلى أهل إشبيلية: كتابنا - أبقاكم الله، وعصمكم بتقواه، ويسركم من الاتفاق والائتلاف لما يرضاه، وجنبكم من أسباب الشقاق والخلاف ما يسخطه ويأباه -، من حضرة مراكش حرسها الله لست بقين من جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وقد بلغنا ما تأكد بين أعيانكم من أسباب التباعد والتباين، ودواعي التحاسد والتضاغن، واتصال التباغض والتدابر، وتمادي التقاطع والتهاجر، وفي هذا على فقهائكم وصلحائكم مطعن بين، ومغمزلا يرضاه مؤمن دين. فهلا سعوا في إصلاح ذات البين، سعي الصالحين، وجدوا في إبطال أعمال المفسدين، وبذلوا في تأليف الآراء المختلفة، وجمع الاهواء المفترقة، جهد المجتهدين، ورأينا والله الموفق للصواب، أن نعذر إليكم بهذا الخطاب، فإذا وصل إليكم، وقرىء عليكم، فاقمعوا الأنفس الأمارة بالسوء، وارغبوا في السكون والهدوء، ونكبوا عن طريق البغي الذميم المشنوء، واحذروا دواعي الفتن، وعواقب الإحن، وما يجر داء الضمائر، وفساد السرائر، وعمى البصائر، ووخيم المصائر، وأشفقوا على دياركم وأعراضكم، وثوبوا إلى الصلاح في جميع أغراضكم وأخلصوا السمع والطاعة لوالي أموركم، وخليفتنا في تدبيركم وسياسة جمهوركم، أخينا الكريم علينا أبي القاسم إبراهيم، أبقاه الله، وأدام عزه بتقواه، واعلموا أن يده فيكم كيدنا، ومشهده كمشهدنا، فقفوا عند ما يحضكم عليه، ويدعوكم إليه، ولا تختلفوا في أمر من الأمور لديه، وانقادوا أسلس انقياد لحكمه وعزمه، ولا تقيموا على ثبج عناد بين حده ورسمه، والله تعالى يفيء بكم إلى الحسنى، وييسركم لما فيه صلاح الدين والدنيا، بقدرته.

وله فصل لأجل الفقيه أبي الفضل ابن عياض إلى أحمد بن حمدين: أما وكنف برك لمن أمك من أهل الفضل ممهد، وجفن رعايتك لهم مسهد، ومنزل حفايتك بهم متعهد، وكل وعر يلقونه في سبيل قصدك مستسهل، لا يرويهم دونك منهل، ولا يضل بهم للعلم مجهل، وممن رأى أن يقتحم نحوك ظهري لجة ومحجة، ويقرن في أم كعبة فضلك بين عمرة وحجة، ويرحل إلى حضرتك المألوفة مهاجرا، ويعتمدها في طلب العلم تاجرا، ليجتهد في جمعه وكسبه اجتهاد مغترب، ويملأ من بضائعه وفوائده وعاء غير سرب، ومذهبه الاقتباس من أنوارك، والالتباس برهة من الدهر بجوارك، والاستئناس بأسرة بشرك ومسرة جوارك، فلان وله في الفضل مذاهب يبهرج عندها الذهب، وعنده من النبل ضرائب لا يفارق زندها اللهب، وستقربه، فتستغربه، وتخبره، فتكبره، إن شاء الله تعالى.

وكتب عن أمير المسلمين في معنى ابن عياض إلى ابن حمدين: فلان - أعزه الله، وأعانه على ما نواه -، ممن له في العلم حظ وافر، ووجه سافر، وعنده دواوين إغفال، لم تفتح لها على الشيوخ أقفال، وقصد تلك الحضرة ليقيم أود متونها، ويعاني رمد عيونها، وله إلينا ماتة مرعية أوجبت الإشادة بذكره، والاعتناء بأمره، وله عندنا مكانة حفية تقتضي مخاطبتك بخبره، وإنهاضك إلى قضاء وطره، وأنت إن شاء الله تسدد عمله، وتقرب أمله، وتصل أسباب العون له.

وكتب عن أمير المسلمين إلى أهل سبتة بولاية الأمير أبي زكرياء يحي بن أبي بكر:

<<  <  ج: ص:  >  >>