وسابقا في الندى أتتنا ... جياده في المدى سوابق
لله منها أسيل خَدّ ... هَرِيتُ شِدْقٍ مثل الجوالق
حديد قلب حديد طرف ... ذو منكب يشبه البواسق
ذو وحشة في الصهيل دلت ... منه على أكرم الخلائق
أشهب، كالرجع مستطير ... كأنّه الشيب في المفارق
حَثّ غداة الرهان حتّى ... أجهد في إثره البوارق
ما أنس لا أنس إذ شآها ... مشرّبات مثل البواشق
وبذّها شرّبا عتاقا ... لم يَرض عن حَضرها العواتق
فقمن يمسحن منه رشحا ... مطيّبات به المخانق
أفديه من شافع لبيض ... قد كنّ عن بغيتي عوائق
أنصع منه لرأي عيني ... سود عذار الفتى الغرانق
وله من قصيدة يمدح أمير المسلمين:
خليليّ عوجا بي على جانب الحمى ... عسى الظبية اللعساء تكشف عن ضرّي
وإن خفتما جورا عن القصد فاكشفا ... نوافج يفعمن التنوفة بالعطر
ولما رنت تلك الفتاة وأعرضت ... إلى القبة الغراء بالكُثُبِ العفو
خلعت لها نعلي حياء من الحجى ... وطفت بأركان العلى ثاني النّحر
قبّل منها ترب كسرى جلالة ... وأستنزل الشعري بأدمعي الغزر
فيا مقلة ما كان أضيع دمعها ... ويا لوعة يغلي بها مرجل الصدر
ومنها:
أمير له في سدفة الخطب مطلع ... كما انشقت الظلماء عن وضح الفجر
لأذهب بالضرغام هاجر نومه ... وأرعب فالدنيا به جمّة الوكر
ومنها يصف الخيل:
بأشقروقاد الإهاب كأنّما ... تشجّم من خمر صريح ومن جمر
أظل بهاديه على كل ريعة ... كما نبهت نار المعالم للسفر
خفي السرى للطيف لم يسم الندى ... بوقع ولم يشعر به نوّم الكدر
تودّ الثريا أن تكون عليقة ... بالسماكين والنسر
وله من قصيدة:
أرعى من النجم للرعايا ... أروع سام عن النظير
لذت به من صروف دهري ... وكان من جورها مجيري
ومدّ نحوي كفا بجود ... أهمى من العارض المطير
ألقى شعاعا عليّ ليلا ... فخلتني في ضحى منير
حمى بأرض الاله ثغرا ... حقا له لذّة الثغور
وأصبح الشرك في تباب ... يدعون بالويل والثّبور
قرّت به أعين البرايا ... وأعلموا أكؤس السرور
ومنها:
وَشنّ غاراتها عليهم ... مثل العراجين في ضمور
أهلّة لا تزال تسري ... لتحرز الحظ من ظهور
وله إلى أمير المسلمين في غزوة غزاها:
سر حيث شئت تحلّه النوار ... وأراد فيك مرادك المقدار
وإذا ارتحلت فشيّعتك سلامة ... وغمامة لا ديمة مدرار
تنفي الهجير بظلها وتنيم بال ... رش القتام وكيف شئت تدار
وقضى الإلاه بأن تعود مظفرا ... وقضت بسيفك نحبها الكفار
هذا ممّا تمنّاه الولي، لا ما تمنَّاه الجعفي فإنه قال: حيث ارتحلت وديمة، ما تكاد تنفذ معها عزيمة، وإذا سفحت على ذي سفر، فما أحراها بأن تعوق عن الظفر، ونعتها بمدرار، وكأن ذلك أبلغ في الإضرار:
فسر ذا راية خفقت بنصر ... وعد في جحفل بهج الجمال
إلى حمص فأنت لها حلي ... تغاير فيه ربّات الحجال
وحمص أيضا بلدة في المغرب وهي إشبيلية.
وكتب عن أمير المسلمين إلى بعض الأمراء جوابا عن كتاب يعتذر فيه عن هزيمة انهزمها، ويصف من فر من العساكر ومن لزمها: