للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دماء جرت منها التلاع بملئها ... ولا دخل إلا أن جرى فرسان

وأيام حرب لا ينادي وليدها ... أهاب بها في الحرب يوم رهان

فبات ربيع والكلاب تهرَّه ... ولا مثل مود من وراء عُمان

وأنحى على ابني وائل فتهاصرا ... غصون الردى من كرّة ولدان

تعاطى كليب فاستمر بطعنة ... أقامت لها الأبطال سوق طعان

وبات عديٌّ بالذنائب يصطلي ... بنار وغى ليست بذات دخان

فذلت رقاب من رجال أعزّة ... إليهم تناهى عزّ كل مكان

وهبوا يلاقون الصوارم والقنا ... بكل جبين واضح ولبان

فلا خدّ إلا فيه خَدّ مهند ولا صدر إلا فيه صدر سنان

وصال على الجونين بالشعب فانثنى ... بأسلاب مطلول وربقة عان

وأمضى على أبناء قيلة حكمه ... على شرس أدلوا به وليان

ولو شاء عدوان الزمان ولم يشأ ... لكان عذير الحي من عدوان

وأي قبيل لم يصدع جميعهم ... ببكر من الأرزاء أو بعوان

خليلي أبصرت الردى وسمعته ... فإن كنتما في مرية فسلاني

خُذَا من فمي هلا وسوف فإنني ... أرى بهما غير الذي تريان

ولا تعداني أن أعيش إلى غد ... لعل المنايا دون ما تعدان

أبا حسن ألق السلاح فإنها ... منايا وإن قال الجهول أماني

أبا حسن إن المنايا وقيتها ... إذا أتلفت لم تتبع بضمان

أبا حسن إحدى يديك رزئتها ... فهل لك بالصبر الجميل يدان

أبا حسن هل يدفع المرء حينّه ... بأيد شجاع أو بكيد جبان

أبا حسن أما أخوك فقد قضى ... فيا لهف نفسي ما التقى أخوان

ونبهني ناع مع الصبح كلما ... تشاغلت عنه عنّ لي وعناني

أغمِّض أجفاني كأني نائم ... وقد لجت الأحشاء في الخفقان

بنفسي وأهلي أي بدر دُجنّة ... لستّ خلت من شهره وثمان

وأي فتى لو جاءكم في سلاحه ... متى صلحت كف بغير بنان

يقولون لا تبعد ولله دره ... وقد حيل بين العير والنزوان

ويأبون إلا ليته ولعلّه ... ومن أين للمقصوص بالطيران

تَوَقَّوْهُ شيئا ثم كروا وجعجعوا ... بأروع فضفاض الرداء هجان

فتى كان يعروري الفيافيَ والدجى ... ذوات جماح أو ذوات حران

قليل حديث النفس عما يريبه ... وإن لم يزل من ظنه بمكان

أبيّ فإن يتبع رضاه فمصحب ... بعيد وإن يطلب جداه فدان

لك الله خوّفت العدى وأمنتهم ... فذقت الردى من خيفة وأمان

إذا أنت خوَّفت الرجال فخفهم ... فإنك لا تجزي هوى بهوان

رياح وهبها عارضتك عواصفا ... فكيف انثنى أو كان ركن أبان

بلى ربّ مشهور البلاء مشيع ... قتيل بمنخوب الفؤاد هدان

أتيحت لبسطام حَيدَة عاصم ... فخر كما خرت سحوق ليان

تداعت له أبيات بكر بن وائل ... ولم ترجعيه لا ظفرت بثان

وحسب المنايا أن تفوز بمثله ... كفاك ولو أبقيته لكفاني

سقاك كدمعي أو كجودك واكف ... من المزن بين السح والهملان

شآبيب غيث لا تزال ملثة ... بقبرك حتى يلتقي الثريان

أبا حسن وفّ اعتزاءك حقه ... فقد كنتما أرضعتما بلبان

تماسك قليلا لست أول مبتلى ... ببين حبيب أو بغدر زمان

وله يرثي:

سل دمعيَ المبذول من حيلة ... لي أو له من نوميَ الممنوع

وحنينيَ الموصول كيف تعرضت ... شبهاته لرجائيَ المقطوع

لا تركننّ إلى الزمان وصرفه ... فتك الزمان بآمن ومروع

<<  <  ج: ص:  >  >>