للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر (١): التشديد هو الذي وقع في جميع روايات البخاري، قال القرطبي (٢): التثقيل يفيد أنه عوقب بوقوع النسيان، وهو لا صنع له فيه، وإذا نسبه إلى نفسه أوهمه أنه انفرد بفعله، فكان ينبغي أن يقول أُنسيت أو نُسِّيت بالتثقيل على البناء للمفعول فيهما، أي: أن الله هو الذي أنساني كما قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] وبهذا الوجه جزم ابن بطال (٣).

وأورد عليهما أنه - صلى الله عليه وسلم - نسب النسيان إلى نفسه كما يأتي في باب [٤٥٢/ ب] نسيان القراءة ونسبه يوشع إلى نفسه حيث قال: {نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: ٦٣] وموسى حيث قال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} [الكهف: ٧٣] وساق تعالى قول الصحابة: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} [البقرة: ٢٨٦] وأجيب بأجوبة غير ناهضة وأقربها قول النووي (٤): إن النهي للتنزيه.

قوله: "تفصّيا (٥) " بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة الثقيلة، بعدها تحتانية خفيفة، أي: تفلتاً وتخلصاً، والأحاديث ظاهرة فيمن يحفظه على ظهر قلبه، ويشمل من يتلو في المصحف، فإنه إذا طال تعاهده للتلاوة ثقلت عليه ألفاظه.

٣ - وَعَنْ جَابِرِ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَفِينَا الأَعْرابِيُّ والأَعْجَمِيُّ فَقَالَ: "اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ وَسَيَجِيءُ أَقْوامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقِدْحُ، يَتَعَجَّلُونَهُ وَلا يَتَأَجَّلُونَهُ". أخرجه أبو داود (٦). [صحيح]


(١) في "الفتح" (٩/ ٨٠).
(٢) في "المفهم بفوائد مسلم" (٢/ ٤١٩).
(٣) في شرحه لصحيح البخاري (١٠/ ٢٧٠ - ٢٧١).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٧٦ - ٧٧).
(٥) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٢/ ٣٧٦)، "غريب الحديث" للخطابي (٢/ ١٤٨).
(٦) في "السنن" رقم (٨٣٠) وهو حديث صحيح.
وأخرجه أحمد في المسند (٣/ ٣٩٧) والبغوي في شرح السنة، رقم (٦٠٩) والبيهقي في "الشعب" رقم (٢٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>