للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبلغت القيمة في زمانه من الذهب ثمانمائة دينار، ومن الورق ثمانية آلاف درهم، فجرى الأمر كذلك إلى أن كان عمر - رضي الله عنه - وعزَّت الإبل في زمانه، فبلغت قيمتها من الذهب ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألفاً، وعلى هذا بنى أصله الشافعي (١) في دية العمد، فأوجب فيها الإبل، وأن لا يصار إلى التقود إلا عند عواز الإبل، فإذا أعوزت كان فيها قيمتها ما بلغت، ولم يعتبر قيمة عمر التي قومها في زمانه؛ لأنها كانت قيمة تعديل في ذلك الوقت، والقيم تختلف فتزيد وتنقص باختلاف الأزمنة، وهذا على قوله [٣١٣/ أ] [٨٧ ب] الجديد. وقال في القديم: بقيمة عمر، وهو اثنا عشر ألفاً من الورق وبقيمتها من الذهب ألف دينار. وقد روي مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الورق. قوله: "على أهل الذهب" أقول: قال مالك (٢): أهل الذهب أهل الشام، وأهل مصر، وأهل الورق أهل العراق. ذكره في "الموطأ".

[الفصل السادس: في أحكام تتعلق بالديات]

١ - عن زياد بن سعد بن ضميرة السلمي عن أبيه عن جده - رضي الله عنه -: وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حُنَيْنًا: أَنَّ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ قَتَلَ رَجُلاً مِنْ أَشْجَعَ فِي الإِسْلاَمِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ قَضَى بِهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي قَتْلِ الأَشْجَعِيِّ لأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ دُونَ مُحَلِّمٍ لأَنَّهُ مِنْ خِنْدِفَ، فَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، وَكَثُرَتِ الخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عُيَيْنَةُ! أَلاَ تَقْبَلُ الغِيَرَ؟ ". فَقَالَ: لاَ وَالله، حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نِسَائِهِ مِنَ الحَرْبِ وَالحَزَنِ مَا أَدْخَلَ عَلَى نِسَائِي، ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الأَصوَاتُ، وَكَثُرَتِ الخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا عُيَيْنَةُ! أَلاَ تَقْبَلُ الغِيَرَ". فَقَالَ عُيَيْنَةُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ اسْمُهُ مُكَيْتِلٌ عَلَيْهِ شِكَّةٌ، وَفِي يَدِهِ دَرَقَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا فِي غُرَّةِ الإِسْلاَمِ


(١) "البيان" للعمراني (١١/ ٤٨٩ - ٤٩١)، "الأم" (٧/ ٢٥٨).
(٢) في "الموطأ" (٢/ ٨٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>