للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حديث اضطرب (١) في إسناده، ولكنَّه أحسن ما روي مرفوعاً في هذا الباب. انتهى.

[في نية صوم التطوع]

قوله: "فصل في نية صوم التطوع". يُريد أنَّ الأدلة دلت على الفرق (٢) بين نية الفرض والتطوع، كما دلت له الأحاديث.

الأول: حديث عائشة:

١ - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ: "يَا عَائِشَةُ! هَلْ عِنْدَكُمْ شَيءٌ". قُلْتُ: لا. قَالَ: "فَإِنِّي صَائِمٌ". فَلَمَا خَرَجَ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، قَالَتْ فَلمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ، أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ، وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا. قَالَ: "مَا هُوَ". قُلْتُ: حَيْسٌ. قَالَ: "هَاتِيهِ". فَجِئْتُ بِهِ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ: "قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا" (٣). [صحيح]

قال مجاهد - رحمه الله -: "إنما ذلك بمنزلة رجلٍ يخرج الصدقة من ماله, فإن شاء أمضاها، وإن شاء أمسكها" (٤). أخرجه الخمسة إلا البخاري. [حسن]

قوله: "قال: فإني صائم". ليس فيه دليل أنَّه أنشأ نية الصوم تلك، بل فيه إخبار بأنَّه صائم، ومعلوم أنَّ زمان الخبر متقدم على زمان الإخبار، ويدل لتقدم النية قوله في هذا الحديث: "كنت أصبحت صائماً" أي: دخلتُ في الصباح صائماً، ولا يكون إلاَّ بنية من قبل الفجر، لأنَّ الصباح من بعده.


(١) انظر: "التعليقة المتقدمة".
(٢) انظر: "المغني" (٣/ ٣٣٣ - ٣٣٤)، "البناية في شرح الهداية" (٣/ ٦٠٥).
(٣) أخرجه مسلم رقم (١٦٩/ ١٥٤)، وأبو داود رقم (٢٤٥٥)، الترمذي رقم (٧٣٤)، والنسائي رقم (٢٣٢٢، ٢٣٢٣)، وابن ماجه رقم (١٧٠١) وهو حديث صحيح.
(٤) أخرجه النسائي في "السنن" رقم (٢٣٢٢)، وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>