للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الصبر]

حقيقة (١) الصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والسخط والجوارح عن لطم الخدود، وشق الجيوب ونحوها، وقيل: في حقيقته (٢): خلق فاضل من أخلاق النفس، تمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاحها وقوام أمرها.

قال الجنيد (٣): الصبرُ (٤) تجرع المرارة من غير تعبُّس، وقيل (٥): هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب، وقيل (٦): هو التلقي للبلوى من دون ظهور الشكوى، وقيل (٧): هو التأدب مع الله، وتلقي بلاءه بالرحب والدعة، وقد بسطنا الكلام فيه في كتابنا (السيف الباتر) (٨).

الأول:

١ - عن أنس - رضي الله عنه - قال: أَتَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ لَهَا: "اتَّقِي الله، وَاصْبِرِي". فَقَالَتْ: وَمَا تُبَالِي بِمُصِيبَتِي؟ فَلمَّا ذَهَبَ قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخَذَهَا


(١) قاله ابن القيم في عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص ١٥).
(٢) ذكره ابن القيم في "عدة الصابرين" (ص ١٩).
(٣) هو أبو القاسم الجنيد بن محمد النهاوندي البغدادي (ت ٢٩٨ هـ) "تاريخ بغداد" (٧/ ٢٤١).
(٤) انظر: "الرسالة القشيرية" (ص ٢٥٥)، "مدارج السالكين" (٢/ ١٥٧).
(٥) عزاه النووي في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٠٢)، وانظر: "عدة الصابرين" (ص ٢٠).
(٦) قاله ابن القيم في "عدة الصابرين" (ص ٢٠) شرحاً للعبارة التالية.
(٧) قاله عمرو بن عثمان المكي (ت بعد ٣٠٠ هـ).
انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٤/ ٥٧ - ٥٨).
(٨) وهي الرسالة رقم (١٦٤) من "عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأمير" بتحقيقي. ط ابن كثير دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>