للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغنم؛ لأن القواعد تقتضي أنه عند عدم الغنيمة أفضل منه, وأتم أجراً عند وجودها، فالحديث صريح في نفي الحرمان، وليس صريحاً في نفي الجمع قاله في "فتح الباري" (١).

قلت: قد أخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة, ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" (٢).

قوله: "لوددت" من الودادة, وهي إرادة وقوع الشيء على إرادة وجه مخصوص يراد، قال الراغب (٣): الود محبة الشيء تمني حصوله، فمن الأول: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (٤)، ومن الثاني: {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (٥) الآية، قوله: "فأُقتل"، إن قيل: كيف صدر منه - صلى الله عليه وسلم - هذا التمني مع علمه أنه لا يقتل: أجيب: أن التمني لا يستلزم الوقوع.

٩ - وَعَنْهُ - رضي الله عنه - قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُوْلُ الله! مَا يَعْدِلُ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: "لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ"، فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: "لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ"، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ القَانِتِ بِآيَاتِ الله لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجعَ المُجَاهِدُ". أخرجه الستة (٦) إلا أبا داود. [صحيح].


(١) (٦/ ٨).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (١٩٠٦) وأبو داود رقم (٢٤٩٧) وابن ماجه رقم (٢٧٨٥) والنسائي رقم (٣١٢٥).
(٣) في مفردات ألفاظ القرآن (ص ٨٦٠).
(٤) سورة الشورى الآية (٢٣).
(٥) سورة آل عمران (٦٩).
(٦) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٢٧٨٥) ومسلم رقم (١٨٧٨) والترمذي رقم (١٦١٩) والنسائي رقم (٣١٢٧, ٣١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>