للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق".

أقول: في رواية أن القائل ذلك [هو] (١) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففي البخاري (٢) قال: قال لي جبريل: "من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ولم يدخل النار. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: نعم". والرواية الأخرى أن القائل أبو ذر.

وقوله: "على رَغم أبي ذر" قال النووي (٣): هو بفتح الراء وكسرها وضمها ذكره الجوهري (٤) وغيره، وهو مأخوذ من الرَغام - بفتح الراء - وهو التراب فمعنى: أرغم الله أنفه: ألصقه بالتراب وأذله. فمعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على رغم أبي ذر" أي: على ذل منه لوقوعه مخالفاً لما يريده. وقيل: معناه: على كراهة منه، وإنما قاله أبو ذر لاستبعاده العفو عن الزاني والسارق المنتهك للحرمة واستعظامه ذلك، وذكر ذنبين: ذنب بين العبد وربه، وذنب بين العبد وغيره من المخلوقين.

والحديث كغيره مقيد بما سلف في حق الله، وأما حق المخلوقين، فإنه لا يتركه الله بل السارق مثلاً لا بد أن ينتصف منه المسروق؛ إما بالأخذ من حسناته، أو إذا لم يكن له حسنات ألقي عليه من سيئات المسروق، وألقي في النار إلا أن يسامحه المسروق عليه، أو يعيضه الله من فضله كل هذا ثبتت به الأحاديث.


(١) سقط من المخطوط (ب).
(٢) في صحيحه رقم (٣٢٢٢).
(٣) في شرحه لـ "صحيح مسلم" رقم (٢/ ٩٦).
(٤) في "الصحاح" للجوهري (٥/ ١٩٣٤ - ١٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>