قال الأستاذ أبو منصور: فلو اعتقد من غير معرفة بالدليل فاختلفوا فيه فقال أكثر الأئمة: إنه مؤمنٌ من أهل الشفاعةِ، وإن فُسِّق بترك الاستدلال، وبه قال أئمة الحديث. وقال الأشعري: وجمهورُ المعتزلة لا يكون مؤمناً حتى يخرج فيها عن جملة المقلدين. اهـ "الوسيط" (٥٦٤) "وجمع الجوامع" (٣/ ٤٠٢) و"المسودة" (ص ٤٠٧). ثم عقب الشوكاني على ذلك بقوله: فيا لله العجب من هذه المقالةِ التي تقشعرُّ لها الجلودُ وترجُف عند سماعِها الأفئدة، فإنها جنايةٌ على جمهور هذه الأمة المرحومة، وتكليف لهم بما ليس في وُسْعهم ولا يطيقونه، وقد كفى غالب الصحابة الذين لم يبلغوا درجةً الاجتهاد ولا قاربوها الإيمان الجُمليَّ، ولم يكلفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أظهرُهم بمعرفة ذلك ولا أخرجهم عن الإيمان بتقصيرهم عن البلوغ إلى العلم بذلك بأدلته. وما حكاه الأستاذُ أبو منصور عن أئمة الحديث من أنه مؤمنٌ وإن فُسِّق فلا يصحُّ التفسيق عنهم بوجهٍ من الوجوه، بل مذهبُ سابقهم ولاحقهم الاكتفاءُ بالإيمان الجُمْليَّ، وهو الذي كان عليه خيرُ القرونِ، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، حرَّم كثيرٌ منهم النظر في ذلك وجعله من الضلالة والجهالة، ولم يخف هذا من مذهبهم حتى على أهل الأصولِ والفقه. اهـ (٢) تقدم التعليق على كلام الأشعري في التعليقة المتقدمة آنفاً.