للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فإنها مؤمنة" هو كما سلف في حديث الشريد (١).

وقال الخطابي (٢): هنا إما حكم بأنها مؤمنة بهذا القدر من قولها وهو: أنه لما سألها أين الله؛ فقالت: في السماء. وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادتين [و] (٣) التبري من سائر الأديان؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى منها أمارة الإسلام، وأنها في دار الإسلام وبين المسلمين، وتحت رق المسلمين، وهذا القدر يكفي علماً لذلك ألا ترى إذا رأينا رجلاً وامرأة مقيمين في بيت فسألناه عنها قال: هي زوجتي [٣٧/ ب] صدقناه في ذلك وقبلنا قولهما، ولا نكشف عن أمرهما ولا نطلب منهما شرائط العقد، فإذا جاءنا رجل وامرأة أجنبيان يريدان ابتداء عقد النكاح فإنا نطالبهما بشروط النكاح، وإحضار الولي والشهود وغير ذلك، وكذلك الكافر إذا عرض عليه الإسلام لم نقتصر منه على قوله: إني مسلم حتى يصف الإسلام بكماله وشرائطه، فإذا جاءنا من يجهل حاله في الكفر والإيمان فقال: إني مسلم قبلناه إذا كان عليه أمارة الإسلام من هيئته وشارة ودار كان قبول قوله أولى، بل يحكم عليه بالإسلام، وإن لم يقل شيئاً. انتهى.

قلت: وفيه تأمل، فإنه اكتفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلام عامة العباد بمجرد قولهم لكلمة التوحيد، وصرح - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يؤمر أن يشق عن قلوب الناس، فهذا الذي ادعاه الخطابي من التبري من سائر الأديان لم يأت به دليل، بل الدخول في دين الإسلام هو براءة من سائر


= قال ابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٣٢٢): وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: {أَأَمِنْتُمْ} بهمزين: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} قال ابن عباس: أمنتم عذاب من في السماء وهو الله عز وجل؟ اهـ.
(١) تقدم برقم (٢٠/ ٧) من كتابنا هذا.
(٢) لم أقف عليه في "معالم السنن" وفي "أعلام الحديث" والله أعلم.
(٣) في المخطوط (ب): أو.

<<  <  ج: ص:  >  >>