للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن قوله: "وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه" وذلك إذا أعطى المال من العبادة لما فيه من الامتثال للأمر، وإخراج ما هو شقيق الروح إيماناً بوجوبها، فيكون هذا تفصيل لذلك المجمل. وعدها ثلاثاً؛ لأنها كذلك، وإن شملها أمر واحد، وفي إضافة الزكاة إلى المال إعلام بأنه لا زكاة على من لا مال له، ثم هي مجملة هنا قدراً ونصاباً وزماناً ومصرفاً، وكم في كل نوع من المال؟ ومن أي المال تجب؟ ففيها إجمال واسع، وقد بينته السنة النبوية [٤٠/ ب] بياناً شافياً [١٥/ أ] ثم شرط في الإعطاء أن يكون عن طيبة نفس، والمخرج لها عالماً أن هذه طاعة لا يتم الامتثال إلا بطيبة النفس وبذلها، ولا يكون في قِسْم من قال الله فيهم: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} (١) بل يكون من القسم الذين قال الله فيهم: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ} ... {وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} (٢) وكيف لا تطيب نفسه بجزء حقير؛ عشراً، أو نصفه، أو ربعه، يخرجه صلةً لإخوانه الفقراء ومواساة لهم وشكراً لله، وسيذكر الله له ما أعطاه ومتاجرة له، فإنه يقول تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)} (٣).

والحوامل على طيبة النفس بها كثيرة، لكن من العباد من يتزلزل قدمه عند خراج المال ويتحوشه عبودة الشح: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} (٤) ولذا


(١) التوبة: (٩٨).
(٢) التوبة: (٩٩).
(٣) الروم: (٣٩).
(٤) الحشر: (٩) التغابن: (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>