للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"واللذان" قال: يعني البكرين اللذين لم يحصنا، "يأتيانها" يعني: الفاحشة وهي الزنا، "منكم" يعني: من المسلمين، "فآذوهما" يعني: باللسان بالتَّعيير والكلام القبيح لهما بما عملا، وليس عليهما حبس؛ لأنهما بكران، لكن يعيرا ليتوبا ويندما، "فإن تابا" يعني: من الفاحشة، "وأصلحا" [٢٤٤ ب] يعني: العمل، "فأعرضوا عنهما" يعني: لا تسمعوهما الأذى بعد التوبة. انتهى.

إلاّ أنّ تخصيصه بالبكرين خلاف ظاهر عمومه، والحاصل أنّ الآية دلت على أن من زنى من نساء المؤمنين بعد ثبوته، عقوبتها الحبس في البيوت ولا تعيير ولا أذى، وعلى من أتى فاحشة الزنا من الرجال عقوبته أن يؤذى ويعير لا غير ثم نسخ الله الحكمين معًا بالجلد.

قوله: "ثم نزلت آية (١) الرجم في النور" هي التي تقدم لفظها، وأنه نسخ اللفظ وبقي الحكم كما قال، ثم رفعت آية الرجم من التلاوة، في هذه زيادة رزين لم نجد من أخرجها.

قال النووي (٢): واعلم أنّ المراد [بالبكر] (٣): من لم يجامع في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل سواء كان جماعًا بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أو لا، والمراد بالثيب: من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله المسلم والكافر والرشيد والمحجور عليه [لسفه] (٤).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر والثيب بالثيب"، فليس هو على سبيل الاشتراط بل حد البكر الجلد والتغريب، سواء زنى ببكر أو بثيب، وحد الثيب الرجم سواء زنى بثيب أو ببكر فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب. انتهى كلامه.


(١) قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} سورة النور الآية (٢).
(٢) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١١/ ١٩٠).
(٣) زيادة من "شرح مسلم" (١١/ ١٩٠).
(٤) في المخطوط (ب): بنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>