للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "في حديث الزبير دب إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء" هما بدل من داء الأمم أو عطف بيان له، وهو تحذير وتنبيه على افتقاد أنفسهم هل حصل ذلك فيهم فيطهرون أخلاقهم عنهما، فإن الحسد داء ضرره على الحاسد كما عرفناك.

وداء البغضاء كذلك، إلا أن التباغض يتعدى ضرره فيسعى كل باغض في ضرّ أخيه، وهو خلاف ما أمر به, ولذا حذّر تعالى المؤمنين من اتخاذ بطانة من دونهم، وأنها {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} (١) وعرفوا [٢٩٩ ب] البغض (٢) بأنه نفور النفس عن الشيء الذي يرغب عنه، وهو ضد الحب فإنه انجذاب النفس إلى الشيء الذي يرغب فيه.

قوله: "وهي" أي: البغضاء "الحالقة" ويحتمل والمذكورة من الحسد والبغضاء.

"تحلق الدين" شبه ما ذكر بالموسى والنورة ونحوهما ما يقلع الشعر من البدن، فلا يبقى له أثر، كذلك ما ذكر يقلع الدين من القلب، فلا يبقى له أثر، فإن الحاسد والباغض لا يبقى في قلبه رقة ولا رأفة ولا محبة ولا نصيحة لمن يحسده ويبغضه، وهو مراد الشيطان الذي أخبر الله به عباده في شربهم الخمر بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (٣).

قوله: "ولا تؤمنوا حتى تحابوا"، أقسم - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يدخلون الجنة حتى يؤمنوا، فإنه لا يدخلها إلا مؤمن، ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ما يأمر من ينادي أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة،


(١) سورة آل عمران الآية (١١٨).
(٢) قاله الراغب في "مفردات ألفاظ القرآن" (ص ١٣٦). وانظر: التوقيف على مهمات التعاريف (ص ١٣٨).
(٣) سورة المائدة الآية (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>