للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر فيه حديث أبي موسى (١) أنهم قالوا: يا رسول الله! أي الإسلام أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده".

أقول: من أقواله الضارة في الدنيا والآخرة، فإن اللسان بيت كل شهر: "وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم" (٢) وعبر باللسان ليدخل فيه من مدها لسخرية واستهزاء بالعباد.

والسلامة من اليد تعم سلامته عن الضرب بها أو أخذ المال، أو كتب ما يضر المسلمين، فيدخل كَتْبُ كُتُبْ الضلالة من كُتُب الزنادقة والفلاسفة والباطنية، وكُتب الاستهزاء والسخرية، وكتب السحر.

وعلى الجملة كل بدعة تضر العباد، ويدخل فيه كُتَّاب المكوس والمجابي ونحوها مما لا يسلم من ضره المسلمون.

ويشمل الأحياء والأموات، فإنهم مسلمون، فالهاتك لأعراض الأموات لم يسلموا من لسانه، بل ويشمل الملائكة حفظته وغيرهم إذا أذاهم بارتكاب المعاصي، بل المباحات فإنه نهى - صلى الله عليه وسلم - عن دخول المسجد لمن أكل الكراث وقال: "إن الملائكة [تتأذى] (٣) مما يتأذى منه بنو آدم".

وعلى الجملة فهذا الحديث من جوامع الكلم، وفي الحديث جناس الاشتقاق والمراد به كامل الإسلام كما أنه المراد من قوله: "والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" أو على أحدهما، وعلى أسرارهم، وغير ذلك، فهذا الذي استحق اسم المؤمن من الناس، والمراد من


(١) أخرجه البخاري رقم (١١) ومسلم رقم (٤٢).
(٢) أخرجه الترمذي رقم (٢٦١٦) وابن ماجه رقم (٣٩٧٣) من حديث معاذ بن جبل، وهو حديث صحيح.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>