قَتَلَنِي قَالَ فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ غُلاَمُ المُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ قَالَ: قَاتَلَهُ الله، لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، ثُمَّ قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي عَلَى يَدِ أَحَدٍ مِن المِسْلِمِينَ، لَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالمَدِينَةِ, وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ، أَيْ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَاهُمْ. قَالَ: لَا، بَعْدَ مَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا إِلَى قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ - رضي الله عنه - فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ أَخَافُ عَلَيْهِ، وَقَائِلٌ يَقُولُ لاَ بَأْسَ به, فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ, فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ،، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِه, فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ، فَقَالَ أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللهِ - عز وجل -، قَدْ كَانَ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدَمٍ في الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ وَلِيتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٌ. فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كان كَفَافاً لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِي. فَلمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الأَرْضَ، فَقَالَ رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلاَمَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! ارْفَعْ ثَوْبَكَ، فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّكَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الله! انْظُرْ مَا عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ. فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ سِتَّةً وَثَمانِينَ ألفًا أو نَحْوَهُ, قَالَ إِنْ وَفَي بِهِ مَالُ آلِ عُمَرَ، فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالهِمْ، وإلاَّ فَسَلْ في بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ في قُرَيْشٍ، وَلاَ تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَأَدِّ عَنِّي هَدا المَالَ، انْطَلِقْ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - فَقُلْ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلاَمَ. وَلاَ تَقُلْ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ، وَقُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، قَالَ فَاسْتَأْذَنَ وَسَلَمْ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلاَمَ، وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلأُوثِرَنَّه الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلمَّا أَقْبَلَ قِيلَ هَذَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ. قَالَ ارْفَعُونِي، فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَذِنَتْ. فَقَالَ الحَمْدُ لله، مَا كَانَ شَيْءٍ أَهَمُّ إِليَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ وقُل يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي، وإنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ. وَجَاءَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ - رضي الله عنها - وَالنِّسَاءُ يَسْتُرْنَها، فَلمَّا رَأَيْنَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute