للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وعن أبي هريرة أن أناساً".

أقول: عقد له النووي ترجمة في شرح مسلم (١) بلفظ: باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها.

قوله: "ذلك صريح الإيمان" [٢٢/ أ] يريد أن استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه من التكلم به فضلاً عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الشبهة والشكوك.

قوله: "الذي رد كيده إلى الوسوسة" معناه: أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فيكيد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد.

قلت: وزاد مسلم (٢) أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله"، وفي لفظ فيه (٣): "فليستعذ بالله ولينته". فمراده بالأمر الأمر بالإعراض عن هذا الخاطر الباطل، والالتجاء إلى الله في إذهابه [٥٨] قال المازري (٤): أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال، ولا نظر في إبطالها. قال: والذي يقال في هذا المعنى: أن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت، فهي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث، وعلى حملها يطلق اسم الوسوسة.

فأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة، فإنها لا تدفع إلا باستدلال ونظر. انتهى.

قوله: "حممة" الحُممة: بالضم للمهملة الفحمة جمعها حمم.


(١) (٢/ ١٥٣).
(٢) في "صحيحه" رقم (٢١٢/ ١٣٤).
(٣) لمسلم رقم (٢١٤/ ١٣٤).
(٤) في: "المعلم بفوائد مسلم" (١/ ٢١٠)، وذكره النووي في شرحه على "صحيح مسلم" (٢/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>