للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر (١): فيه نظر، ويدل للمنع قوله: "ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله" فإن هذه المصائب لا تنافي الستر، لكن بينت الأحاديث الكثيرة أن المصائب تكفر الذنوب، فيحتمل أن يراد أنها تكفر ما لا حدَّ فيه، ويفيد الحديث إن إقامة الحد على من وجب عليه كفارة لذنبه [٦٧/ ب] ولو لم يتب، وهو قول الجمهور.

وقيل: لا بد من التوبة وهو قول المعتزلة، ووافقهم ابن حزم، ومن المفسرين البغوي وطائفة، واستدلوا بآية المحاربين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (٢).

وأجيب: بأنه في عقوبة الدنيا، ولذلك قيدت بالقدرة عليه.

قلت: ولأنه من القول بأنه آية المحاربين مخصوصة بإسقاط توبتهم لعقوبتهم، وإلا فإن التائب من الشرب والسرقة وغيرهما مما فيه حد لا يسقط بالتوبة حدَّه في الدنيا.

قوله: "فهو إلى الله".

أقول: هذا لفظ البخاري، وفيه رد على الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، وعلى المعتزلة الذين يوجبون [تعذيب] (٣) الفاسق إذا مات بلا توبة.

واعلم أنه اشتمل الحديث من أحكام البيعة على ثلاثة أحكام:

الأولى: من وفى فأجره على الله.

الثاني: من أصاب شيئاً مما نهى عنه، فعوقب كان كفارة.

والثالث: إن لم يعاقب بأن ستره الله, فأمره إليه إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.


= وأخرجه أحمد (٤/ ١٨٥ - ١٨٦) والدارمي (٢/ ٢٠٦) والطبراني في "المعجم الكبير" (ج ١٧ رقم ٣١٠، ٣١١) من طرق.
(١) في "فتح الباري" (١/ ٦٨).
(٢) المائدة: (٣٤).
(٣) سقط من المخطوط، وأثبتت من "الفتح" (١/ ٦٨) للزومها للمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>