للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيرهما (١): هو أن يحيط علماً بكل شيء ظاهره وباطنه، دقيقه وجليله، أوله وآخره، عاقبته وفاتحته، وهذا من حيث كثرة المعلومات وهي لا نهاية لها، ثم يكون العلم في ذاته من حيث الوضوح والكشف على أتم ما يمكن فيه، بحيث لا يتصور مشاهدة وكشف أظهر منه، ثم لا يكون مستفاداً من المعلومات، بل تكون المعلومات مستفادة منه.

فائدة: يتخلق العبد من هذا بأن يبالغ في تعلم العلم النافع ويتوسع فيه وهو علم الكتاب والسنة، وأن يعلم أنه وإن صار عليماً بما فتح الله به عليه؛ فإن علمه يقصر عن علم الله في كل شيء، بل ما علمه وعلم جميع الخلائق في علم الله إلا كما يأخذه العصفور بمنقاره من


= قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥].
قال تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)} [المائدة: ٩٧].
قال تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١٠٩)} [المائدة: ١٠٩].
قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام:٧٣، الرعد: ٩، التغابن: ١٨].
الدليل من السنة:
منها: ما أخرجه البخاري رقم (٦٣٨٢) وفيه: "اللهم إني أستخيرك بعلمك ... ".
قال الغنيمان في شرح "كتاب التوحيد" للبخاري (١/ ١٠٣): " ... وعلمه تعالى من لوازم نفسه المقدسة، وبراهين علمه تعالى ظاهرة مشاهدة في خلقه وشرعه، ومعلوم عند كل عاقل أن الخلق يستلزم الإرادة، ولا بد للإرادة من علم بالمراد، كما قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤].
ثم قال: "وهو يعلم ما في السماوات السبع، والأرضين السبع، وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وكل شجرة وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعدد ذلك، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم، وكلامهم، وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة".
(١) انظر: "شأن الدعاء" (ص ٥٧)، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص ٥٠ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>