للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "باعد" المراد به (١): محو ما حصل منها، والعصمة عما سيأتي منها، وهو مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هي في المكان والزمان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد: لا يبقى منه اقتراب بالكلية.

قوله: "بالماء والثلج والبرد".

قال الخطابي (٢): ذكر الثلج والبرد تأكيداً، أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي، [ولم يمسهما الاستعمال] (٣).

وقال ابن دقيق العيد (٤): عبر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي تكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء [٣ ب].

قال: ويحتمل أن يكون المراد كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو، وكأنه كقوله تعالى: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا} (٥).

وفي "شرح مسلم" (٦) خص البارد وإن كان السخن أنقى منه ليجانس ما قبله؛ لأن البرودة هي المناسبة لإطفاء حرارة النار، ومنه: برد الله مضجعه، وإضافة الماء إلى البارد من إضافة الموصوف إلى الصفة.

٢ - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: الله أَكْبرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ لله كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ القَائِلُ


(١) قاله الحافظ في "فتح الباري" (٢/ ٢٣٠).
(٢) في "أعلام الحديث" (١/ ٤٨٨).
(٣) كذا العبارة في المخطوط والذي في "أعلام الحديث": ولم تمتهنهما بمرسٍ واستعمال.
(٤) في "إحكام الأحكام" (ص ٢٩٧).
(٥) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٦) (٥/ ٩٦ - ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>