للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرش؛ وإنهم يرحمون من رحم من أهل الأرض فيدعون له، ويدلس له رواية: "ارحموا من في الأرض يرحمكم أهل السماء".

ويحتمل [٣٢٧/ أ] أن يراد الرب تعالى, أي: من في السماء أمره، من باب قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (١).

قوله: "شجنة من الرحمن" أقول: بكسر المعجمة وبعدها نون. وجاء بضم أوله, وهي رواية ولغة، وأصل الشجنة: عروق الشجر المشتبكة. والشجن بالتحريك واحد الشجون، وهي طرق الأودية، ومنه قوله: "الحديث ذو شجون" أي: يدخل بعضه في بعض.

قوله: "من الرحمن" أي: أخذ اسمها من هذا الاسم، كما يدل له حديث عبد الرحمن بن عوف في السنن مرفوعاً: "أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت [١٣٠ ب] لها من اسمي" (٢) والمعنى: أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها، فالقاطع لها منقطع من رحمة الله.

قال القرطبي (٣): الرحم التي توصل عامة وخاصة. فالعامة رحم الدين يجب مواصلتها بالتواد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة.

وأما الرحم الخاصة؛ فيريد بالنفقة على القريب وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم، وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك كما جاء في الحديث الأول من كتاب الأدب: "الأقرب فالأقرب".


(١) سورة الزخرف: ٨٤.
(٢) أخرجه أبو داود رقم (١٦٩٤)، والترمذي رقم (١٩٠٧)، وأحمد (١/ ١٩١، ١٩٤)، وابن حبان في صحيحه رقم (٤٤٣) من حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -. وهو حديث صحيح لغيره.
(٣) في "المفهم" (٦/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>