للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد شمل ما فيه الكتاب تخليفه السنة؛ لأن الكتاب دل على الاهتداء بها: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١).

وقوله: وعدم الضلال لمن [٥٢/ ج] تمسك بهما واضح، فإنَّ الله أنزل كتابه نوراً وهدىً ورحمة: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (٢) فكلُّ أخذ به قد أمن من الضلال، ووصل إلى الهدى، ومن الاهتداء به اتباع السنة، فإنه دلَّ على أنها بيان له، وإيضاح ليبين للناس ما نزل إليهم، وقد أكمل الله الدين بهما قال الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٣).

فلم ينقل الله رسوله إلى دار البقاء إلا بعد كمال الدين، وإتمام النعمة ممن اتبع الهدى من غير الكتاب والسنة، فقد ضلَّ عن سواء السبيل، وكأنه يقول: الدين لم يتم، بل توفيته بآرائنا وتقليد علمائنا، كان خالف الكتاب والسنة، وعدم الضلال به لا يكون بمجرد وجود ألفاظه بين الأمة، بل باستخراج الأحكام الشرعية منه، ومعرفة المراد به، والعمل عادل عليه، والانتهاء بنواهيه، والائتمار بأوامره، وجعله إماماً يهتدى بهديه في كل ما دلّ عليه، ويدل له ما يأتي في صفته في حديث الترمذي الآتي في حرف التاء في التفسير (٤) من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حديث جليل سيأتي إن شاء الله تعالى، وإذا عرفت أنه لم يتركه - صلى الله عليه وسلم - بمجرد تلاوة ألفاظه، وإقامة حروفه والإعراض عن استنباط أحكامه، واقتباس أنواره، بل الأهم منه أن يوجد منه الأحكام، ويستخرج منه الشرائع، ويكون قدوة وإماماً.


(١) سورة الحشر: (٧).
(٢) سورة الإسراء: (٩).
(٣) سورة المائدة: (٣).
(٤) سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>