للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: "كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ قَالَ: أُرَى أنَّ مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ". أخرجه الستة (١). [صحيح]

قوله في حديث أبي سعيد: "كنا نخرج" أقول: قال عياض (٢): مذهب مالك والشافعي أن قول الصحابي "كنا نفعل كذا" من قبيل المرفوع؛ لأنه إضافة إلى زمانه - صلى الله عليه وسلم -. والسنة قوله وفعله وإقراره، وهذا إقرار. وأما الرواية التي فيها إذا كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأخرى في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا خلاف أنها مسندة، أي: مرفوعة، لا سيما في هذه الصدقة التي كانت تجمع عنده ويأمر بقبضها ودفعها.

قوله: "صاعاً من طعام" أقول: أي من حنطة، فإنه اسم خاص به بدليل ذكر الشعير وغيره من الأقوات والحنطة أعلاها، فلولا أنه أرادها بذلك لذكرها عند التفصيل كغيرها، ولا سيما عطف عليها بحرف "أو" الفاصلة، وقد كان الطعام يستعمل في الحنطة عند الإطلاق، حتى إذا قيل: اذهب إلى سوق الطعام فُهِمَ منه سوق القمح، وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه؛ لأن ما غلب استعماله فخطوره عند الباب أقرب. كذا قاله الخطابي (٣) وغيره.

وقال ابن المنذر (٤): وغلط من ظن أنه أيّ طعام في حديث أبي سعيد الحنطة؛ لأن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره فقال: "كنا نخرج صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير،


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٩٨)، والبخاري رقم (١٥٠٨)، ومسلم رقم (١٨/ ٩٨٥)، وأبو داود رقم (١٦١٦)، والترمذي رقم (٦٧٣)، والنسائي رقم (٢٥١٣)، وابن ماجه رقم (١٨٢٩)، وهو حديث صحيح.
(٢) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٣/ ٤٨٢).
(٣) "معالم السنن" (٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨).
(٤) ذكره الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>