للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: وأحسن ما رأيت في هذا قول أحمد بن نصر الداودي (١): الفقر والغنى محنتان من الله يختبر بهما عبادة في الصبر والشكر، كما قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} (٢)، وقوله: {ونَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} (٣)، وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستعيذ (٤) من شر فتنة الفقر ومن شر فتنة الغنى.

قلت: قد بسط المسألة - أي مسألة تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر أو العكس - الإمام ابن القيم في كتابه في "الصبر والشكر" (٥) الذي لخصته في مكة المشرفة في كتاب "السيف الباتر في يمين الصابر والشاكر" (٦) وبسطنا الأدلة في ذلك، فمن أحب ذلك راجعه.

٢ - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَتْ الزَّهَادَةُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الحَلاَلِ وَلاَ إِضَاعَةِ المَالِ، وَلكِنَّ الزَّهَادَةَ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِ الله تَعَالى أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا في يَدِكَ وَأَنْ


(١) ذكره ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (١٠/ ١٦٨).
(٢) سورة الكهف: ٧.
(٣) سورة الأنبياء: ٣٥.
(٤) منها: ما أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم (٢٢/ ٥٧٢)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (٦٩)، وأحمد (٥/ ٤٢)، والحاكم (١/ ٣٥، ٢٥٢ - ٢٥٣)، وفيه قوله: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر". وهو حديث صحيح.
(٥) "عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين" (٢٨٥ وما بعدها).
(٦) وهي الرسالة رقم (١٦٤) من "عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأمير" بتحقيقي، ط: ابن كثير، دمشق.
وهي بعنوانه "السيف الباتر في يمين الصابر والشاكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>