للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إنّما كره الحديد لسهوكته ونتنه، والسُهُوكة صدأ الحديد، وإنّما قال في الشَّبه (١): ريح الأصنام؛ لأنّها كانت تتخذ منه.

٤ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: رَأَى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ وَقَالَ: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدهِ". فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُذْ خَاتَمَك انْتَفِعْ بِهِ. فَقَالَ: لاَ وَالله لاَ آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (٢). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "فنزعه فطرحه" قال النووي (٣): فيه إزالة المنكر باليد لمن قدر عليها، وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده" ففيه تصريح بأنّ النهي عن خاتم الذهب للتحريم، وأجمعوا على تحريمه على الرجال ذلك، وأمّا قول صاحب [٢٠٩ ب] الخاتم: (لا آخذه وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ففيه المبالغة في امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجتناب نهيه، وعدم الترخص فيه بالتأويلات الضعيفة، ثم إنّ هذا الرجل إنما ترك الخاتم على سبيل الإباحة لمن أراد أخذه من الفقراء، وغيرهم، وحينئذٍ يجوز أخذه لمن شاء، فإذا أخذه جاز تصرفه فيه، ولو كان صاحبه أخذه لم يحرم عليه، وجاز له التصرف فيه بالبيع ونحوه، لكن تورع عن أخذه، وأراد الصدقة به على من يحتاج إليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عن التصرف فيه بكل وجه، إنّما نهاه عن لبسه، وبقي ما عداه من التصرف على الإباحة (٤).


(١) هذا لفظ أبي داود في "السنن" رقم (٤٢٢٣).
(٢) في "صحيحه" رقم (٢٠٩٠).
(٣) في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١٤/ ٦٥).
(٤) قاله النووي في شرحه لـ "صحيح مسلم" (١٤/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>