للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ. إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ, وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ الله تعَالى لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَيُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ". وَقَالَ: إِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لاَ نَفْسَ لَهُ. أخرجه الشيخان (١) والنسائي (٢). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "فاصنع الشجر" أقول: استدل به على جواز تصوير ما لا روح له فيه من شجر أو شمس أو قمر. ونقل الشيخ أبو محمد الجويني (٣) وجهاً بالمنع؛ لأن من الكفار من عبدها.

قال الحافظ ابن حجر (٤): قلت: ولا يلزم من تعذيب من يصور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه، فإن عموم قوله: " [الذين] (٥) يضاهون بخلق الله" وقوله: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي" يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه. وقد قيد مجاهد صاحب ابن عباس جواز تصوير الشجر بما لا يثمر، وأما ما يثمر فألحقه بما له روح (٦).

قلت: وكأن ابن عباس أخذ ما أفتى به من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أحيوا ما خلقتم، أو ينفخ فيه الروح وليس بنافخ" ولكنه يقال: الأشجار حياتها أن تنمو، فالنمو روحها، وعموم: "يضاهون لخلق الله" وغيره دال على تحريم كل شيء من ذي روح وغيره


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٢٢٥، ٥٩٦٣، ٧٠٤٢)، ومسلم رقم (١٠٠/ ٢١١٠).
(٢) في "السنن" رقم (٥٣٥٨).
(٣) ذكره الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٣٩٤).
(٤) في "الفتح" (١٠/ ٣٩٤).
(٥) سقطت من (ب).
(٦) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٣٩٤ - ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>