للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "سَحَّاء" (١) أي: لا ينقطع عطاؤها كَسَحِّ المطَر.

قوله في حديث أبي هريرة الثاني: "لا يغيضها" أقول: في "النهاية" (٢): "لا يغضها" يقال: غاض الماء يغيض إذا غار، ومنها سحاء الليل والنهار، أي: دائمة الصَّبِّ والهطل بالعطاء، يقال: سح يسيح سحاً فهو ساح، والمؤنثة سحاء، وفي رواية: "يمين الله سحاً" بالتنوين على المصدر، واليمين (٣) هنا كناية عن محل عطائه ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها فجعلها كالعين الثرة التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينقصها الامتياح، وخص اليمين؛ لأنها في الأكثر مظنة العطاء على طريق الاتساع والمجاز، والليل والنهار منصوبان على الظرف. انتهى. وهو تمثيل، والمراد أنه في غاية الغنى وعنده من الرزق ما لا نهاية له.

٣ - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: "كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ". أخرجه الترمذي (٤). [حسن]


(١) انظر: "النهاية" (١/ ٧٥٨)، "غريب الحديث" للخطابي (٢/ ٨٠)، (٣/ ٢٦٦).
(٢) (٢/ ٣٣٤).
(٣) بل توصف يد الله - عز وجل - بأنها يمين، وهذا ثابت بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧].
الدليل من السنة:
ما أخرجه البخاري رقم (٧٣٨٢)، ومسلم رقم (٢٧٨٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: " ... ويطوي السماء بيمينه ... ".
وما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٧٤١٩)، ومسلم رقم (٩٩٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ... ".
فأهل السنة والجماعة يؤمنون أن لله عز وجل يدين، وأن إحدى يديه يمين، وقد تقدم تفصيل ذلك.
(٤) في "السنن" رقم (٢٣٦٢)، وهو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>