للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله في حديث أبي هريرة: "دعوني ما تركتكم" أقول: قالوا: إنما كره - صلى الله عليه وسلم - لهم ذلك لمعانٍ، منها: أنه ربما كان سببًا لتحريم شيء على المسلمين فتلحقهم به المشقة, وقد بين هذا قوله: "أعظم المسلمين جرماً" الحديث.

ومنها: أنه قد يكون الجواب بما يكره السائل.

ومنها: أنهم ربما أحفوه في المسألة فألحقوه المشقة والأذى، فيكون سبب هلاكهم، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (١) الآية. ثم المراد من النهي عن السؤال هو سؤال ما لا حاجة إليه للسائل، وأما ما يحتاج عنه السؤال لمصلحة دينه أو دنياه فلا نهي عنه. [٣٧٠/ أ].

وفي الحديث دليل على أن أصل الأشياء الحل، وهو الذي دل له قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢).

قوله: "كثرة سؤالهم" دليل على أن بعض السؤال وقليله لا بأس به.

قوله: "واختلافهم [٢٦٢ ب] على أنبيائهم" يحتمل أن الهلاك بسبب الأمرين، وفي الحديث أن باب المنهيات واجب الاجتناب حصلت الاستطاعة لاجتنابه أم لا.

وباب المأمورات مقيد بالاستطاعة؛ وذلك لأن النهي لدفع المفاسد، ولا يخفف عن شيء منها والترك مستطاع. وباب المأمورات لجلب المصالح، ولا يجب عليه منها إلا المستطاع،


(١) سورة الأحزاب: ٥٧.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: ٥٧].
(٢) سورة البقرة: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>