للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في حديث أنس: "الأيمن فالأيمن" أقول: ضبط بالنصب والرفع. فالأول بإضمار (قدموا) والثاني إنه مبتدأ يقدر خبره أحق، أو بأن يقدم الأيمن. واستنبط من تكرير الأيمن أن السنة إعطاء الذي على اليمين ثم الذي يليه, وهلم جرا، أو هو عام في كل شرب. ونقل عن مالك وحده أنه خصه بالماء. وقال ابن عبد البر (١): لا يصح عنه.

قلت: وهو الأولى، وكيف والنص هنا في اللبن؟! وهذا محمول على الاستحباب.

وقال ابن حزم (٢): إنه واجب ذلك، وفي رواية من طريق سعيد عن الزهري أنه قال عمر وخاف أن يعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي (٣). أعطِه أبا بكر، وفي رواية: وقال عمر: هذا أبو بكر.

قال الخطابي (٤) وغيره: كانت [العادة] (٥) جارية لملوك الجاهلية ورؤسائهم تقديم (٦) الأيمن في الشرب، حتى قال عمرو بن كلثوم في قصيدة له:

وكان الكأس مجراها اليمينا

فخشي عمر بذلك أن يقدم - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي على أبي بكر في الشرب، فنبه على ذلك؛ لأنه احتمل عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثر تقديم أبي بكر على تلك العادة, فتصير السنة تقديم الأفضل في الشرب على الأيمن، فبين النبي [٢٧٧ ب]- صلى الله عليه وسلم - بفعله وقوله أن تلك العادة لم تغيرها


(١) في "التمهيد" (١٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦).
(٢) في "المحلى" (٧/ ٥٢٢).
(٣) أي قال عمر: يا رسول الله! أعطه أبا بكر ...
"المحلى" (٧/ ٥٢٢).
(٤) في "غريب الحديث" (١/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
(٥) في (ب): "عادة".
(٦) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>