للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في حديث ابن عباس: "فإن النار لا تحل شيئاً قد حُرِّم" أقول: قال الحافظ ابن حجر (١): هذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو الذي يطبخ، إنما هو العصير من الطريُّ قبل أن يتخمر، أما لو صار خمراً فطبخ فإن الطبخ لا يحله، ولا يطهره إلا على رأي من يجيز تخليل الخمر. والجمهور على خلافه، وحجتهم الحديث الصحيح عن أنس وأبي طلحة أخرجه مسلم (٢)، وأخرج ابن أبي شيبة (٣) والنسائي (٤) من طريق سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي: "اشربوا العصير ما لم يغل" وعن الحسن البصري: "ما لم يتغير" وهذا قول كثير من السلف أنه إذا بدا فيه التغير يمتنع، وعلامة ذلك أن يأخذ في الغليان وبهذا قال أبو يوسف (٥).

وقيل: إذا انتهى غليانه وابتدأ في الهدوِّ بعد الغليان - وقيل: إذا سكن غليانه. وقال أبو حنيفة (٦):


(١) في "الفتح" (١٠/ ٦٤).
(٢) في "صحيحه" رقم (١٩٨٣) عن أنس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الخمر تتخذ خلاًّ؟ فقال: "لا" وهو حديث صحيح.
وأخرج أبو داود رقم (٣٦٧٥)، وأحمد (٣/ ١١٩) عن أنس: أنّ أبا طلحة سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمراً، قال: "أهرِقها" قال: أفلا نجعلها خلاًّ؟ قال: "لا" وهو حديث صحيح.
(٣) في "المصنف" (٧/ ٤٩٤ رقم ٣٩٠٥) عن سعيد بن المسيب.
وفي "المصنف" (٧/ ٤٩٥ رقم ٣٩٠٩) عن الشعبي.
وفي "المصنف" (٧/ ٤٩٥ رقم ٣٩١٢) عن إبراهيم النخعي.
(٤) في "السنن" رقم (٥٧٣١) عن سعيد بن المسيب. وهو أثر صحيح الإسناد مقطوع.
وللنسائي في "السنن" رقم (٥٧٣٢) عن إبراهيم النخعي بسند صحيح مقطوع.
(٥) مختلف الرواية لأبي الليث السمرقندي (٤/ ١٨٢٩).
(٦) "المبسوط" (٢٤/ ١٣)، و"البناية في شرح الهداية" (١١/ ٤٤٧ - ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>