للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله في حديث ابن عباس: "أمني جبريل" أقول: بين ابن إسحاق (١) في "المغازي" أن ذلك كان صبيحة الليلة التي فرضت فيها الصلاة، وهي ليلة الإسراء، وساق سنده إلى نافع ابن جبير وغيره لما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليلة التي أسري به، لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، وبذلك سميت: "الأولى" أي: صلاة الظهر فأمر من يصيح بأصحابه: الصلاة جامعة فاجتمعوا، فصلى به جبريل وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس، الحديث.

قال الحافظ (٢): وفيه رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة. والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل ثم بعدها ببيان النبي - صلى الله عليه وسلم -[٣٥٠ ب].

قوله: "في الأولى منهما" أقول: في المرة الأولى كما يدل له قوله: "وصلى المرة الثانية الظهر" ولولا المقابلة به لاحتمل أن يراد بالأولى الصلاة الأولى؛ لأن صلاة الظهر تسمى الأولى كما عرفت قريباً.

وقوله: "حين كان الفيء" هو بالفاء والهمز الظل والشِّراك، المراد به أحد سيور النعل التي على ظهره.

قال الخطابي (٣): ليس قدر الشراك في هنا على معنى التحديد. ولكن الزوال لا يُستبان إلا بأقل ما يرى من الفيء، وأقله فيما يقدر هو ما بلغ قدر الشراك أو نحوه. وليس هذا مقدار الشراك مما يتبين به الزوال في جميع البلدان، إنما يتبين به ذلك في مثل مكة من البلدان التي ينتقل فيها الظل، وإذا كان أطول يوم في السنة واستوت الشمس فوق الكعبة لم يكن لشيء من جوانبها ظل، وكل بلد كانت أقرب إلى وسط الأرض، كان الظل فيه أطول، وقد اعتمد


(١) ذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤).
(٢) في "الفتح" (٢/ ٤).
(٣) في "معالم السنن" (١/ ٢٧٤ - مع السنن).

<<  <  ج: ص:  >  >>