للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصَابَ السُّنَّةَ. فَمَا أَدْرِي أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ؟ فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. [صحيح]

قوله في حديث ابن مسعود: "لغير ميقاتها" أقول: ليس المراد أنه صلاهما في وقتهما الشرعي بل المراد أنه صلى [في المزدلفة] (١) المغرب مع العشاء جمعاً بينهما في وقت العشاء؛ لأنه مسافر. وأما الفجر فبادر بها أول تحقق وقتها ولم يؤخرها إلى الوقت الذي كان يعتاد صلاتها فيه. وفيه دليل على أن حديث ابن عباس في قوله: "جمع بين المغرب (٢) والعشاء، وبين الظهر والعصر في المدينة"، أن مراده صلاهما معاً كل واحدة في وقتها جمعاً صورياً، ولهذا قال ابن مسعود: إنه ما صلى صلاة لغير ميقاتها، واستثنى فيه بين العشائين في المزدلفة، فدلّ على أن جمعه في المدينة لم يكن فيه صلاة خارجة عن ميقاتها [٣٩٣ ب] بل جمع بينهما كل صلاة في وقتها [٤١٩/ أ]، وإلا لما صح قول ابن مسعود: لم يصل الصلاة لغير ميقاتها. أقول: أي الذي كان يداوم على الصلاة، وهو أنه كان يؤخر بعد الأذان حتى يحضر الناس للجماعة, وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - المؤذن أن يجعل بين أذانه وإقامته مهلة، فهذا مراد ابن مسعود، لا أنه صلاها قبل دخول وقتيهما، إذ المعلوم يقيناً أنها لا تجب ولا تجزئ إلا بعد دخوله، وإنما بادر بهما في المزدلفة وهي جمع؛ لأنه جمع العشائين فأخر المغرب عن أول وقتها كما كان قد يفعله في أسفاره إذا جدّ به السير، وصلى الفجر فيها في أول وقتها لم ينتظر بعد دخوله؛ لأن المصلين حاضرون لديه فما للانتظار معنى.

وقد بين ابن مسعود تحولهما في قوله: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب بعدما يأتي الناس، أي: مزدلفة.


(١) في (ب): بالمزدلفة.
(٢) انظر: "فتح الباري" (٣/ ٥٣١ - ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>